الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم آمنت إنه بكسر الألف والباقون أنّه بالفتح وروي عن أبي جعفر ونافع الآن بإلقاء حركة الهمزة على اللام وحذف الهمزة وقرأ ننجيك خفيفة قتيبة ويعقوب وسهل والباقون ننجيك بالتشديد وفي الشواذ قراءة أبي بن كعب ومحمد بن السميفع ننحيك بالحاء. الحجة: قال أبو علي: من قرأ آمنت أنه بالفتح فلأن هذا الفعل يصل بحرف الجر في نحو يؤمنون بالغيب فلما حذف حرف الجر وصل الفعل إلى أن فصار في موضع نصب أو جر على الخلاف في ذلك ومن قرأ آمنت إنّه بالكسر حمله على القول المضمر كأنه قال آمنت وقلت إنه وإضمار القول في هذا النحو كثير وقال علي بن عيسى: من كسر إنه جعله بدلاً من آمنت ومن فتح جعله معمول آمنت وأما الآن فإن لام المعرفة إذا دخلت على كلمة أولها الهمزة فخففت الهمزة كان في تخفيفها وجهان أحدهما: أن يلقي حركتها على اللام وتقر همزة الوصل فيقال الحَمَر وقد حكى ذلك سيبويه وحكى أبو الحسن أن أناساً يقولون لحَمْرَ فيحذفون الهمزة التي للوصل قال:
فَقَدْ كُنْتَ تُخْفِي حُبَّ سَمْراءَ حِقْبَةً   فَبُحْ لانَ مِنْها بِالَّذي أَنْتَ بَائِحُ
فأسكن الحاء لما كانت اللام متحركة ولو لم يعتد بالحركة كما لم يعتد بها في الوجه الأول لحرك الحاء بالكسر كما يحرك في بح اليوم وننجيك وننجيك في معنى واحد أي نلقيك على نجوة من الأرض قال أوس بن حجر:
فَمَنْ بِنَجْوَتِـهِ كَمَــنْ بِعَقْوَتِــــه   وَالمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِقِرْواحِ
والقرواح حيث لا ماء ولا شجر ومن قرأ ننحيك بالحاء فإنه نفعلك من الناحية أي نجعلك في ناحية ومنه نحيت الشيء فتنحى أي باعدته فتباعد فصار في ناحية قال الحطيئة:
تَنَحّي فَاجْلِسي مِنّي بَعيداً   أَراحَ اللَّـهُ مِنْـــكِ الْعالَمينـا
اللغة: المجاوزة الخروج عن الحد من إحدى الجهات الأربع والاتباع طلب اللحاق بالأول أتبعه اتباعاً وتبعه بمعنى وحكى أبو عبيداً عن الكسائي أنه قال إذا أريد أنه اتبعهم خيراً أو شرّاً قالوا بقطع الهمزة وإذا أريد به أنه اقتدى بهم وأتبع أثرهم قالوا بتشديد التاء ووصل الهمزة والبغي طلب الاستعلاء بغير حق والعدو والعدوان الظلم والنجوة الأرض التي لا يعلوها السيل وأصلها من الإرتفاع. الإعراب: بغياً وعدواً مفعول له. وقيل: إنهما مصدران في موضع الحال أي في حال البغي والعدوان الآن فصل بين الزمان الماضي والمستقبل مع أنه إشارة إلى الحاضر ولهذا بني كما بني ذا وعرف الآن بالألف واللام وأمس يتضمن حرف التعريف لأن ما مضى بمنزلة المضمر في المعنى في أنه ليس له صورة والحاضر في معنى المصرح في صحة الصورة والعامل في قوله الآن محذوف وتقديره الآن آمنت.

السابقالتالي
2 3