الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ } * { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ }

القراءة: قرأ يعقوب وحده وشركاؤكم بالرفع وهو قراءة الحسن وابن أبي إسحاق وأبي عبد الرحمن السلمي وعيسى الثقفي وقرأ الباقون { وشركاءكم } بالنصب وفي الشواذ قراءة الأعرج وعاصم والجحدري والزهري فاجمَعوا أمركم مفتوحة الميم موصولة الهمزة من جمع. الحجة: من قرأ فاجمعوا أمركم وشركاؤكم بالرفع رفعه على العطف على الضمير في أجمعوا وساغ عطفه على الضمير من غير توكيد من أجل طول الكلام بقولـه { أمركم } وإذا جاز في قوله سبحانهما أشركنا ولا آباؤنا } [الأنعام: 148] أن نكتفي من طول الكلام بلا وإن كانت بعد حرف العطف كان الاكتفاء من التوكيد بما هو أطول من لا وهو أيضاً قبل الواو كما أن التوكيد لو ظهر لكان قبلها أحرى فلو قال قائل قم وزيد كان أقبح من أن يقول قمت وزيد وذلك لأن المعطوف عليه في قم وزيد ضمير مستكن لا لفظ له فهو أضعف من ضمير المخاطب أو المتكلم في قمت لأن له لفظاً وهو التاء وقمت وزيد أضعف من قمنا وزيد لأن " نا " من قمنا أتم لفظاً من التاء في قمت وأما شركاءكم بالنصب فقد قيل فيه إنه منصوب على إضمار فعل كأنه قيل وادعوا شركاءكم قالوا وكذا هو في مصحف أبي. وقيل: تقديره فاجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم لأن أجمعوا يدل عليه وذهب المحققون إلى أنه مفعول معه وتقديره مع شركائكم كما أنشد سيبويه:
فَكُونُوا أَنْتُمُ وَبَني أَبِيكُمْ   مَكانَ الكُلْيَتَيْنِ مِنَ الطّحَالِ
ويقال: أجمعت الأمر وجمعت الأمر وأجمعت على الأمر أي عزمت عليه. قال المؤرج: أجمعت الأمر أفصح من أجمعت عليه قال أبو الهيثم: أجمع أمره إذا جعله جمعاً بعدما كان متفرقاً قال:
هَلْ أَغدْوَنْ يَوْماً وَأَمْري مُجْمَع   
اللغة: الغمة ضيق الأمر الذي يوجب الحزن والغمة والكربة والضغطة والشدة نظائر ونقيضه الفرجة وقيل غمة مغطى تغطية خبره مأخوذ من غمّ الهلال إذا حال دون رؤيته غيم. المعنى: ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليهم أخبار نوح فقال { واتل عليهم نبأ نوح } أي خبره { إذ قال لقومه } الذين بعث إليهم { يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي } أي شقَّ وعظم عليكم إقامتي بين أظهركم { وتذكيري } أي وعظي وتنبيهي إياكم { بآيات الله } أي بحججه وبيناته على صحة التوحيد والعدل والنبوة والمعاد وبطلان ما تدينون به وفي الكلام حذف هو قولـه وعزمتم على قتلي وطردي من بين أظهركم { فعلى الله توكلت } جعله جواب الشرط مع أنه متوكل عليه في جميع أحواله ليبيِّن لهم أنه متوكل في هذا التفصيل لما في إعلامه ذلك من زجرهم عنه لأن الله تعالى يكفيه أمرهم ومعناه فإلى الله فوَّضت أمري وبه وثقت أن يكفيني أمركم.

السابقالتالي
2