الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم أمن لا يَهْدي ساكنة الهاء خفيفة الدال وقرأ أهل المدينة غير ورش { يهدي } ساكنة الهاء مشددة الدال وقرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وروح وزيد عن يعقوب يَهَدِّي بفتح الياء والهاء وتشديد الدال إلا أن أبا عمرو أشار إلى فتحة الهاء من غير إشباع وقرأ عاصم غير حماد ويحيى ورويس عن يعقوب يَهِدِّي بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال وقرأ حماد ويحيى عن أبي بكر عن عاصم يِهِدِّي بكسر الياء والهاء والتشديد. الحجة: قولـه يَهَدِّي ويَهِدِّي ويُهْدِّي ويِهِدِّي أصل جميعها يهتدي يفتعل وإن اختلفت ألفاظها أدغموا التاء في الدال لمقاربتها لها فإنهما من حيز واحد ثم اختلفوا في تحريك الهاء فمن قرأ يَهَدِّي ألقى حركة الحرف المدغم وهو التاء على الهاء ومن قرأ يَهِدِّي بكسر الهاء فإنه حرَّك الهاء بالكسر لالتقاء الساكنين ومن سكن الهاء جمع بين الساكنين ومن أشمَّ الهاء ولم يسكن فالإشمام في حكم التحريك ومن كسر الياء مع الهاء اتبع الياء بما بعدها من الكسرة وهو رديّ لثقل الكسر في الياء. الإعراب: قولـه { فما لكم كيف تحكمون } ما مبتدأ ولكم خبره وكيف منصوب بقولـه { تحكمون } لا يغني من الحق شيئاً يجوز أن يكون قوله { شيئاً } مفعول يغني ويجوز أن يكون في موضع مصدر أي لا يغني من الحق غناء وكذا قيل في قولـهلا تجزي نفس عن نفس شيئاً } [البقرة: 48] قالوا هو مفعول تجزي وقالوا هو مصدر أي جزاء وكذلك قولهولا تشركوا به شيئاً } [النساء: 36] قالوا هو مفعول تشركوا وقالوا هو مصدر أي لا تشركوا به إشراكاً وكذلك قولهيعبدونني ولا يشركون بي شيئاً } [النور: 55]. المعنى: ثم احتجَّ سبحانه عليهم في التوحيد باحتجاج آخر فقال { قل } يا محمد لهؤلاء المشركين { هل من شركائكم من يبدأُ الخلق ثم يعيده } أي هل من هذه الأصنام التي جعلتموها شركاء لله في العبادة. وقيل: الذين جعلتموهم شركاء في أموالكم كما قال وهذا لشركائنا من يبدء الخلق بالإنشاء بعد أن لم يكن وهو النشأة الأولى ثم يعيده في النشأة الثانية { قل الله يبدأُ الخلق ثم يعيده } معناه فإن قالوا ليس من شركائنا من يقدر عليه أو سكتوا فقل أنت لهم الله هو الذي يبدأُ الخلق بأن ينشئه على غير مثال ثم يفنيه ثم يعيده يوم القيامة { فأنى تؤفكون } أي كيف تصرفون عن الحق وتقلبون عن الإيمان. ثم استأنف الحِجاج فقال سبحانه { قل } يا محمد { هل من شركائكم من يهدي إلى الحق } أي هل من هذه الأصنام من يهدي الناس إلى الرشد وما فيه الصلاح والنجاة والخير بدلالة ينصبها وحجة يظهرها فلا بدَّ من أن يجيبوا بلا { قل } أنت لهم { الله } هو الذي { يهدي للحق } إلى طريق الرشاد.

السابقالتالي
2