الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

القراءة: قرأ روح وزيد عن يعقوب وسهل يمكرون بالياء والباقون بالتاء وقرأ ينشركم بالنون والشين من النشر أبو جعفر وابن عامر والباقون يسيركم بالسين والياء من التسيير وقرأ حفص وحده متاع بالنصب والباقون بالرفع. الحجة: من قرأ يمكرون بالياء فلقوله { إذا لهم مكر في آياتنا } [يونس: 21] ومن قرأ بالتاء فللخطاب أي قل لهم يا محمد إن رسل الله يكتبون ما تمكرون ومن قرأ يسيركم يقويه قولـهفامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه } [الملك: 15] وقولـهقل سيروا في الأَرض } [الأنعام: 11] ويقال: سار الدابة وسرته وسيَّرته قال:
فَلا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أنْتَ سِرْتَها   
وقال لبيد:
فَبُنْيانُ حَرْبٍ أنْ تَبُوءَ بَحْربَةٍ   وَقَدْ يَقْبَلُ الْضَيْمَ الذَّلِيـلُ الْمُسَيَّرُ
ومن قرأ ينشركم فحجته قولـهوبث منهما رجالاً كثيراً ونساء } [النساء: 1] وقولـهوما بثَّ فيهما من دابة } [الشورى: 29] والبث التفريق والنشر في المعنى وأما متاع الحياة الدنيا فقد قال الزجاج من رفع فعلى وجهين أحدهما: أن يكون متاع الحياة الدنيا خبراً لقوله { بغيكم } والآخر: أن يكون خبر المبتدأ على أنفسكم ومتاع الحياة على إضمار هو ومن نصب فعلى المصدر أي تتمتعون متاع الحياة الدنيا قال أبو علي قولـه { على أنفسكم } يحتمل تأويلين أحدهما: أن يكون متعلقاً بالمصدر لأَن فعله يتعدى بهذا الحرف ألا ترى إلى قولـه:بغى بعضنا على بعض } [ص: 22] ثم بُغي عليه وإذا كان الجار من صلة المصدر كان الخبر متاع الحياة الدنيا فيكون معناه بغى بعضكم على بعض متاع الحياة في الدنيا وليس ما يقرب إلى الله ويجوز أن يكون متعلقاً بمحذوف فيكون خبراً للمصدر وفيه ذكر يعود إليه فيكون كقولك الصلاة في المسجد فيكون المصدر مضافاً إلى الفاعل ومفعولـه محذوفاً والمعنى إنما بغى بعضكم على بعض بما يدل على أنفسكم ويكون كقولـهولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله } [فاطر: 43] ومن نصب احتمل النصب وجهين أحدهما: أن يكون على من صلة المصدر ويكون الناصب لمتاع هو المصدر الذي هو البغي ويكون خبر المبتدأ محذوفاً وحسن حذفه لطول الكلام ولأَن بغيكم يدل على تبغون فيحسن الحذف لذلك وهذا الخبر لو أظهرته لكان يكون مكروه أو مذموم أو منهي عنه ونحو ذلك والآخر: أن يكون على أنفسكم خبر المبتدأ فيكون متاع منصوباً على وجهين أحدهما: تمتعون متاعاً فيدل انتصاب المصدر عليه والآخر: أن يضمر تبغون لأَن ما يجري مجرى ذكره قد تقدم كأنه لو أظهره لكان تبغون متاع الحياة الدنيا فيكون مفعولاً له ولا يجوز أن يتعلق المصدر بالمصدر في قوله { إنما بغيكم } وقد جعلت " على " خبراً لقوله { إنما بغيكم } لفصلك بين الصلة والموصول. اللغة: التسيير التحريك في جهة تمتد كالسير الممدود والبرَّ الأَرض الواسعة التي تقطع من بلد إلى بلد ومنه البر لاتساع الخير به والبحر مستقر الماء الواسع حتى لا يرى من وسطه حافتاه والفلك السفن وسميت فلكاً لدورانها في الماء وأصله الدور ومنه فلكة المغزل وتفلك ثدي الجارية إذا استدار والفلك يكون جمعاً وواحداً وهو ههنا جمع والعاصف الريح الشديدة وعصفت الريح فهي عاصف وعاصفة قال:

السابقالتالي
2 3