الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ }

القراءة: قرأ تشركون بالتاء أهل الكوفة غير عاصم وكذلك في النحل في موضعين وفي الروم والباقون كل ذلك بالياء. الحجة: من قرأ بالتاء فلقولـه { أتنبئون الله } ومن قرأ بالياء احتمل وجهين أحدهما: على قل كأنه قيل له قل أنت سبحانه وتعالى عما يشركون والوجه الآخر: أن يكون هو سبحانه نزَّه نفسه عما أقروه فقال ذلك. المعنى: ثم أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار فقال { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم } أي ويعبد هؤلاء المشركون الأَصنام التي لا يضرهم إن تركوا عبادتها ولا ينفعهم إن عبدوها. فإن قيل: كيف ذمَّهم على عبادة الصنم الذي لا ينفع ولا يضرّ مع أنه لو نفع وضرَّ لكان لا يجوز أيضاً عبادته. قلنا: عبادة من لا يقدر على أصول النعم وإن قدر على النفع والضر إذا كان قبيحاً فمن لا يقدر على النفع والضر أصلاً من الجماد تكون عبادته أقبح وأشنع فلذلك خصَّه بالذكر { ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار أنهم قالوا: إنا نعبد هذه الأصنام لتشفع لنا عند الله وإن الله أذن لنا في عبادتها وأنه سيشفعها فينا في الآخرة وتوهَّموا أن عبادتها أشد في تعظيم الله سبحانه من قصده تعالى بالعبادة فجمعوا بين قبيح القول وقبيح الفعل وقبيح التوهم. وقيل: معناه هؤلاء شفعاوءنا في الدنيا لإِصلاح معاشها عن الحسن. قال: لأَنهم كانوا يقرُّون بالبعث بدلالة قولهوأقسموا بالله جهد أيمانهم } [الأنعام: 109] لا يبعث الله من يموت. { قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض } أمر سبحانه نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم على وجه الإِلزام أتخبرون الله بما لا يعلم من حسن عبادة الأصنام وكونها شافعة لأَن ذلك لو كان صحيحاً لكان تعالى به عالماً ففي نفي علمه بذلك نفي المعلوم ومعناه أنه ليس في السماوات ولا الأَرض إله غير الله ولا أحد يشفع لكم يوم القيامة. وقيل: معناه أتخبرون الله بشريك أو شفيع لا يعلم شيئاً كما قال ويعبدون من دون الله ما لا يملك. لهم رزقاً من السماوات والأَرض فكذلك وصفهم بأنهم لا يعلمون في السماوات والأرض شيئاً { سبحانه وتعالى عما يشركون } أي تنزّه الله تعالى عن أن يكون له شريك في استحقاق العبادة. { وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا } فيه أقوال أحدها: أن الناس كانوا جميعاً على الحق وعلى دين واحد فاختلفوا في الدين الذي كانوا مجتمعين عليه ثم قيل: إنهم اختلفوا على عهد آدم وولده عن ابن عباس والسدي ومجاهد والجبائي وأبي مسلم، ومتى اختلفوا؟ قيل: عند قتل أحد ابنيه أخاه.

السابقالتالي
2