الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ }

القراءة: في رواية أبي ربيعة عن البزي عن ابن كثير ولأدْراكم فجعلها لاماً دخلت على أدراكم وأمال في أدراكم وأدراك في جميع القرآن أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف وروي في الشواذ عن ابن عباس والحسن ولا أدريكم به. الحجة: قال أبو علي: حكى سيبويه دريته ودريت به والأكثر في الاستعمال بالباء ويبيّن ذلك قولـه { ولا أدراكم } ولو جاء على اللغة الأخرى لكان ولا أدراكموه. وقال: الدرية كالفطنة والشعرة وهي مصادر يراد بها ضروب من العلم أما الدراية فكالهداية والدلالة فكأن الدراية التأني والتعمل لعلم الشيء وعلى هذا المعنى ما تصرف من هذه الكلمة أنشد أبو زيد:
فإنَّ غزالك الَّذي كُنْت تدَّري   إذا شِئْت ليْثٌ خادِرٌ بيْن أشْبُلِ
وتدري أي تختل ومنه الدرية في قول أكثر الناس الذي يستتر به الصايد من الوحش كأنه يختل به وداريت الرجل لاينته وخاتلته وإذا كان الحرف على هذا فالداري في وصف القديم سبحانه لا يسوغ فأما قول الراجز:
لا هُمَّ لا أدّري وأنْت الدَّاري   
فلا يكون حجة في جواز ذلك لأنه استجاز ذلك لما تقدم من قوله لا أدري كما جازفمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه } [البقرة: 194] وإن تسخروا منا فإنا نسخر منكم وأيضاً فإن الأعراب يذكرون أشياء يمتنع جوازها كما قالوا:
لا هُمَّ إنْ كُنْت الّذي بعهْدِي   ولمْ تُغيــرك الأُمُورُ بعْدِي
وقال الآخر:
لوْ خافك اللَّـهُ علْيِه حَرَمَهْ   
فأما الهمزة على ما حكي عن الحسن وغيره فلا وجه له لأن الدرء الدفع. قال ابن جني: يجوز أن يكون لها وجه وإن كان فيه ضعف صنعة وهو أن يكون أراد ولا أدريتكم به ثم قلبت الياء ألفاً لانفتاح ما قبلها وإن كانت ساكنة كقولهم في وييأس يا أس وفي ييبس يابس وقال قطرب: إن لغة عقيل في أعطيتك أن يقولوا أعطاتك ثم همز الألف على لغة من قال في الباز البأز وفي العالم والخاتم والنابل العألم والنأتم والنأبل ومن قرأ: ولأدْريكم به فمعناه ولأعلمكم الله تعالى به فيكون نفياً للتلاوة وإثباتاً للعلم وعلى قراءة الجماعة يكون نفياً للأمرين جميعاً. اللغة: التلقاء جهة مقابلة الشيء إلا أنه قد يستعمل ظرفاً فيقال: هو تلقاءه كما يقال هو حذاءه وقبالته وتجاهه وإزاءه والعَمْر بفتح العين وسكون الميم والعُمر بضمهما البقاء وإذا استعمل في القسم فالفتح لا غير. النزول: قيل: نزلت في خمسة نفر عبد الله بن أمية المخزومي والوليد بن مغيرة ومكرز بن حفص وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري والعاص بن عامر بن هاشم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومناة وهبل وليس فيه عيبها أو بَدَّله تكلّم به من تلقاء نفسك عن مقاتل.

السابقالتالي
2