الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } * { فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ } * { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

القراءة: قرأ الكسائي برواية نصير ويعقوب برواية روح وزيد ثم نُنْجي رسلنا خفيفة وروي عن روح التشديد أيضاً فيه والباقون ننجي بالتشديد وقرأ الكسائي وحفص عن عاصم ويعقوب وسهل ننجي المؤمنين خفيفة والباقون: ننجّي بالتشديد. الحجة: حجة من قال نُنْجي قولـهفأنْجاه الله من النار } [العنكبوت: 24] وحجة من قال ننجي. قولـهونجينا الذين آمنوا } [فصلت: 18] وكلاهما حسن قال الشاعر:
ونجَّى ابْنَ هِنْدٍ سابِحٌ ذو غِلالَةٍ   أَجَشُّ هَزِيمٌ وَالرِّماحُ دَوانِ
اللغة: النظر طلب الشيء من جهة الفكر كما يطلب إدراكه بالعين والنذر جمع نذير وهو صاحب النذارة والانتظار هو الثبات لتوقع ما يكون من الحال تقول انتظرني حتى الحقك ولو قلت توقعني لم تكن قد أمرته بالثبات والمثل في الجنس ما سدَّ أحدهما مسدّ صاحبه فيما يرجع إلى ذاته والمثل في غير الجنس ما كان على معنى يقربه من غيره كقربه من جنسه كتشبيه أعمال الكفار بالسراب والنجاة مأخوذة من النجوة وهي الارتفاع عن الهلاك وكذلك السلامة مأخوذة من إعطاء الشيء من غير نقيصة أسلمته إليه إذا أعطيته سالماً من غير آفة. الإِعراب: وجه التشبيه في كذلك أن نجاة من بقي من المؤمنين كنجاة من مضى في أنه حقّ على الله واجب لهم ويحتمل أن يكون العامل في كذلك ننجي الأَول وتقديره ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك الإنجاء ويحتمل أن يكون العامل فيه ننجي الثاني وحقاً نصب على المصدر أي يحق حقاً. وقيل: إنه نصب على الحال وإن كان لفظه لفظ المصدر عن أبي مسلم قال جامع العلوم النحوي الضرير: ويجوز أن ينصب حقاً بدلاً من كذلك أو وصفاً ولا يجوز أن ينصب كذلك وحقاً جميعاً بقوله { ننجي رسلنا } لأَن الفعل الواحد لا يعمل في مصدرين ولا في حالين ولا في استثناءين ولا في مفعولي معهما وقد بيَّن ذلك في موضعه فإن جعلت كذلك من صلة ننجي وجعلت حقاً من صلة قولـه { ننجي المؤمنين } أي ننجي المؤمنين حقاً كان الوقف على كذلك. المعنى: ثم بيَّن سبحانه ما يزيد في تنبيه القوم وإرشادهم فقال { قل } يا محمد لمن يسألك الآيات { انظروا ماذا في السماوات والأَرض } من الدلائل والعبر من اختلاف الليل والنهار ومجاري النجوم والأَفلاك وما خلق من الجبال والبحار وأنبت من الأَشجار والثمار وأخرج من أنواع الحيوانات فإن النظر في أفرادها وجملتها يدعو إلى الإِيمان وإلى معرفة الصانع ووحدانيته وعلمه وقدرته وحكمته. { وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون } معناه وما تغني هذه الدلالات والبراهين الواضحة مع كثرتها وظهورها ولا الرسل المخوفة عن قوم لا ينظرون في الأَدلة تفكراً وتدبراً ولا يريدون الإِيمان. وقيل: ما تغني معناه أيّ شيء تغني عنهم من اجتلاب نفع أو دفع ضرر إذا لم يستدلّوا بها فيكون ما للاستفهام وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية هتف بها وقال وما تغني الحجج عن قوم لا يقبلونها.

السابقالتالي
2