الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أيها العالم، أخبرني أي الأعمال أفضل عند الله؟

قال: " ما لا يقبل الله شيئا إلا به ".

قلت: و ما هو؟ قال: " الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو، أعلى الأعمال درجة، و أشرفها منزلة، و أسناها حظا ".

قال: قلت: ألا تخبرني عن الإيمان، أقول هو و عمل، أم قول بلا عمل؟ فقال: " الإيمان عمل كله، و القول بعض ذلك العمل، بفرض من الله بين في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته، يشهد له به الكتاب، و يدعوه إليه ".

قال: قلت له: صفه لي- جعلت فداك- حتى أفهمه. قال: " الإيمان حالات و درجات و طبقات و منازل، فمنه التام المنتهي تمامه، و منه الناقص البين نقصانه، و منه الراجح الزائد رجحانه ".

قلت: إن الإيمان ليتم و ينقص و يزيد؟ قال: " نعم ".

قلت: كيف ذاك؟ قال: " لأن الله تبارك و تعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم، و قسمه عليها، و فرقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الذي به يعقل و يفقه و يفهم، و هو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح و لا تصدر إلا عن رأيه و أمره، و منها عيناه اللتان يبصر بهما، و أذناه اللتان يسمع بهما، و يداه اللتان يبطش بهما، و رجلاه اللتان يمشي بهما، و فرجه الذي الباه من قبله، و لسانه الذي ينطق به، و رأسه الذي فيه وجهه.

فليس من هذه جارحة إلا و قد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، بفرض من الله تبارك و تعالى اسمه، ينطق به الكتاب لها، و يشهد به عليها، ففرض على القلب غير ما فرض على السمع، و فرض على السمع غير ما فرض على العينين، و فرض على العينين غير ما فرض على اللسان، و فرض على اللسان غير ما فرض على اليدين، و فرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، و فرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج، و فرض على الفرج غير ما فرض على الوجه. فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار و المعرفة و المحبة و الرضا و التسليم، بأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، إلها واحدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و أن محمدا عبده و رسوله (صلى الله عليه و آله)، و الإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار و المعرفة، و هو عمله، و هو قول الله عز و جل:

السابقالتالي
2 3 4