الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ }

قوله تعالى: { وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 143] - إلى قوله تعالى - { وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } [الأعراف: 144].

- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام) فقال له المأمون: يا بن رسول الله، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: " بلى " فسأله عن آيات من القرآن في الأنبياء، فكان فيما سأله أن قال له: فما معنى قول الله عز و جل: { وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ }؟ كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى ابن عمران (عليه السلام) لا يعلم أن الله عز و جل لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟

فقال الرضا (عليه السلام): " إن كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) علم أن الله تعالى عز أن يرى بالأبصار، و لكنه لما كلمه الله عز و جل و قربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز و جل كلمه و قربه و ناجاه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت و كان القوم سبع مائة ألف رجل، فاختار منهم سبعين ألفا، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبع مائة، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه. فخرج بهم إلى طور سيناء، فأقامهم في سفح الجبل، و صعد موسى (عليه السلام) إلى الطور، فسأل الله تبارك و تعالى أن يكلمه و يسمعهم كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره و سمعوا كلامه من فوق و أسفل و يمين و شمال و وراء و أمام، لأن الله تعالى أحدثه في الشجرة، ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا له: لن نؤمن لك بأن الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم و استكبروا و عتوا بعث الله عز و جل عليهم صاعقة، فأخذتهم بظلمهم فماتوا، فقال موسى (عليه السلام):

يا رب، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم و قالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله تعالى إياك؟ فأحياهم الله و بعثهم معه، فقالوا: إنك لو سألت الله أن يريك أن تنظر إليه لأجابك و كنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته؟

فقال موسى (عليه السلام): يا قوم، إن الله لا يرى بالأبصار، و لا كيفية له، و إنما يعرف بآياته، و يعلم بأعلامه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6