الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ } * { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [الأنعام: 52] - إلى قوله تعالى - { فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [الأنعام: 54].

- علي بن إبراهيم: كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون أهل الصفة، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمرهم أن يكونوا في صفة يأوون إليها، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يتعاهدهم بنفسه، و ربما حمل إليهم ما يأكلون، و كانوا يختلفون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فيقربهم و يقعد معهم، و يؤنسهم، و كان إذا جاء الأغنياء و المترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك، و يقولون له: اطردهم عنك.

فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و عنده رجل من أصحاب الصفة، قد لصق برسول الله (صلى الله عليه و آله) و رسول الله يحدثه، فقعد الأنصاري بالبعد منهما، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): " تقدم " فلم يفعل، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): " لعلك خفت أن يلزق فقره بك؟! ".

فقال الأنصاري: اطرد هؤلاء عنك. فأنزل الله: { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ }.

- العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، قال: بينما علي (عليه السلام) يخطب يوم الجمعة على المنبر فجاء الأشعث بن قيس يتخطى رقاب الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، حالت الحمر بيني و بين وجهك. قال: فقال علي (عليه السلام): " ما لي و ما للضياطرة، أطرد قوما غدوا أول النهار يطلبون رزق الله، و آخر النهار ذكروا الله، أ فأطردهم فأكون من الظالمين؟! ".

- و قال علي بن إبراهيم: ثم قال: { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } أي اختبرنا الأغنياء بالغنى، لننظر كيف مواساتهم للفقراء، و كيف يخرجون ما افترض الله عليهم في أموالهم، و اختبرنا الفقراء لننظر كيف صبرهم على الفقر، و عما في أيدي الأغنياء { لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ }.

ثم فرض الله على رسوله أن يسلم على التوابين الذين عملوا السيئات ثم تابوا، فقال: { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } يعني أوجب الرحمة لمن تاب. و الدليل على ذلك قوله: { أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

السابقالتالي
2