قوله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } [الأنعام: 145]. - ثم قال علي بن إبراهيم: و قد احتج قوم بهذه الآية { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } فتأولوا هذه الآية أنه ليس شيء محرما إلا هذا، و أحلوا كل شيء من البهائم: القردة و الكلاب و السباع و الذئاب و الأسد و البغال و الحمير و الدواب، و زعموا أن ذلك كله حلال لقول الله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } و غلطوا في هذا غلطا بينا. و إنما هذه الآية رد على ما أحلت العرب و حرمت، لأن العرب كانت تحلل على نفسها أشياء، و تحرم أشياء، فحكى الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله) ما قالوا، فقال:{ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ } [الأنعام: 139] فكان إذا سقط الجنين حيا أكله الرجال و حرم على النساء، و إذا كان ميتا أكله الرجال و النساء، و هو قوله:{ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ } [الأنعام: 39]. - الشيخ: بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الجريث، فقال: " و ما الجريث؟ " فنعته له، فقال: " { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } " إلى آخر الآية. ثم قال: " لم يحرم الله تعالى شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه، و يكره كل شيء من البحر ليس له قشر مثل الورق، و ليس بحرام و إنما هو مكروه ". - و عنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجري، و المار ما هي، و الزمير، و ما ليس له قشر من السمك، حرام هو؟ فقال لي: " يا محمد، اقرأ هذه الآية التي في الأنعام: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً } ". قال: فقرأتها حتى فرغت منها، فقال: " إنما الحرام ما حرم الله و رسوله في كتابه، و لكنهم قد كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها ".