الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ } * { فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَٱسْمَعُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

قوله تعالى: { يِآ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ } [المائدة: 6] - إلى قوله تعالى - { لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } [المائدة: 108].

- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن رجاله، رفعه، قال: " خرج تميم الداري، و ابن بيدي، و ابن أبي مارية، في سفر، و كان تميم الداري مسلما، و ابن بيدي، و ابن أبي مارية نصرانيين، و كان مع تميم الداري خرج له، فيه متاع و آنية منقوشة بالذهب، و قلادة، أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع، فاعتل تميم الداري علة شديدة، فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بيدي و ابن أبي مارية، و أمرهما أن يوصلاه إلى ورثته، فقدما المدينة و قد أخذا من المتاع الآنية و القلادة، و أوصلا سائر ذلك إلى ورثته، فافتقد القوم الآنية و القلادة، فقال أهل تميم لهما: هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة؟ فقالا: لا، ما مرض إلا أياما قلائل. قالوا: فهل سرق منه شيء في سفره هذا؟ قالا: لا. قالوا: فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ قالا: لا. قالوا فقد افتقدنا أفضل شيء و كان معه، آنية منقوشة بالذهب، مكللة بالجوهر، و قلادة. فقالا: ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم. فقدموهما إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأوجب رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليهما اليمين، فحلفا، فخلى عنهما.

ثم ظهرت تلك الآنية و القلادة عليهما، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا رسول الله، قد ظهر على ابن بيدي و ابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما. فانتظر رسول الله (صلى الله عليه و آله) من الله عز و جل الحكم في ذلك، فأنزل الله تبارك و تعالى: { يِآ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } فأطلق الله عز و جل شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط، إذا كان في سفر و لم يجد المسلمين، ثم قال: { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ } فهذه الشهادة الاولى التي جعلها رسول الله (صلى الله عليه و آله) { فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً } أي أنهما حلفا على كذب { فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا } يعني من أولياء المدعي { مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ } أي يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما، و أنهما قد كذبا فيما حلفا بالله { لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ }.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به، فحلفوا فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) القلادة و الآنية من ابن بيدي و ابن أبي مارية و ردهما على أولياء تميم الداري { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ } ".


السابقالتالي
2 3 4