الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } * { يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } * { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } * { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } * { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } * { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ } * { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } * { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } * { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } * { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } * { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } * { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ }

قوله تعالى: { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } - إلى قوله تعالى- { وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } [10- 28] 9696/ [1]- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: { فَٱرْتَقِبْ } أي اصبر، { يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } ، قال: ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر.

9697/ [2]- ابن شهر آشوب: روي أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: " اللهم العن رعلا و ذكوان، أللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعل سنيهم كسني يوسف " ففي الخبر أن الرجل منهم كان يلقى صاحبه فلا يمكنه الدنو، فإذا دنا منه لا يبصره من شدة دخان الجوع، و كان يجلب إليهم من كل ناحية، فإذا اشتروه و قبضوه لم يصلوا به إلى بيوتهم حتى يتسوس و ينتن، فأكلوا الكلاب الميتة و الجيف و الجلود، و نبشوا القبور، و أحرقوا عظام الموتى فأكلوها، و أكلت المرأة طفلها، و كان الدخان يتراكم بين السماء و الأرض، و ذلك قوله تعالى: { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }. فقال أبو سفيان و رؤساء قريش: يا محمد، أ تأمرنا بصلة الرحم، فأدرك قومك فقد هلكوا فدعا لهم، و ذلك قوله تعالى: { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } ، فقال الله تعالى: { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } ، فعاد إليهم الخصب و الدعة، و هو قوله تعالى:فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ * ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [قريش: 3-4].

9698/ [3]- نرجع إلى رواية على بن إبراهيم: { يَغْشَى ٱلنَّاسَ } كلهم الظلمة، فيقولون: { هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } ، فقال الله عز و جل ردا عليهم: { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ } ، في ذلك اليوم { وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } أي رسول قد تبين لهم: { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } ، قال: قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أخذه الغشي، فقالوا: هو مجنون، ثم قال: { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } يعني إلى يوم القيامة، و لو كان قوله تعالى: { يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } في القيامة لم يقل: إِنَّكُمْ عائِدُونَ، لأنه ليس بعد الآخرة و القيامة حالة يعودون إليها.

ثم قال: { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } يعني في القيامة: { إِنَّا مُنتَقِمُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ } ، أي اختبرناهم { وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } ، أي ما فرض الله من الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و السنن و الأحكام، فأوحى الله إليه: { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } ، أي يتبعكم فرعون و جنوده { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } ، أي جانبا، و خذ على الطريق، { إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ }.

قوله تعالى: { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } أي حسن { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } ، قال: النعمة في الأبدان، قوله تعالى: { فَاكِهِينَ } ، أى مفاكهين للنساء { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } ، يعني بني إسرائيل.