الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } * { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }

قوله تعالى:

{ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } - إلى قوله تعالى- { وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [31- 32]

9597/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " أنه عروة بن مسعود الثقفي، و كان عاقلا لبيبا، و هو الذي أنزل الله تعالى فيه: { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ".

9598/ [2]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز و جل قول قريش: { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } يعني هلا نزل القرآن { عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }؟ و هو عروة بن مسعود، و القريتين: مكة و الطائف، و كان جزاهم بما يحتمل الديات، و كان عم المغيرة بن شعبة، فرد الله عليهم، فقال: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ } ، يعني النبوة و القرآن حين قالوا: لم لم ينزل على عروة بن مسعود، ثم قال تعالى: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } يعني في المال و البنين { لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }.

و هذا من أعظم دلالة الله على التوحيد، لأنه خالف بين ملكهم كهيئاتهم و تشابههم و دلالاتهم و إراداتهم و أهوائهم، ليستعين بعضهم على بعض، لأن أحدهم لا يقوم بنفسه لنفسه، و الملوك و الخلفاء لا يستغنون عن الناس، و بهذا قامت الدنيا و الخلق المأمورون المنهيون المكلفون، و لو احتاج كل إنسان أن يكون بناء لنفسه و خياطا لنفسه و حجاما لنفسه و جميع الصناعات التي يحتاج إليها، لما قام العالم طرفة عين، لأنه لو طلب كل إنسان العلم، ما دامت الدنيا، و لكنه عز و جل خالف بين هيئاتهم، و ذلك من أعظم الدلالة على التوحيد.

9599/ [3]- الامام الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال: " قلت لأبي علي بن محمد (عليهما السلام): فهل كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يناظرهم إذا عانتوه و يحاجهم؟ قال: بلى، مرارا كثيرة، منها ما حكى الله من قولهم:وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ } [الفرقن: 7] إلى قوله:مَّسْحُوراً } [الفرقان: 8]، { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ،وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } [الإسراء: 90] إلى قوله:كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ } [الإسراء: 8]، ثم قيل له في آخر ذلك: لو كنت نبيا كموسى لنزلت علينا الصاعقة في مساءلتنا إياك، لأن مساءلتنا أشد من مساءلة قوم موسى لموسى.

السابقالتالي
2 3