الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } * { قَالُوۤاْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ }

قوله تعالى:

{ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ } - إلى قوله تعالى- { وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [47- 50] 9366/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم ذكر قول أهل النار، فقال: { وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ } إلى قوله تعالى: { مِّنَ ٱلنَّارِ } فردوا عليهم، فقالوا: { إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } ، و قوله تعالى: { وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } أي في بطلان.

9367/ [2]- ابن طاوس في (الدروع الواقية)، قال: ذكر أبو جعفر أحمد القمي في كتاب (زهد النبي)، عن النبي (صلى الله عليه و آله)، و قد نزل عليه جبرئيل، و هو متغير اللون- و ذكر حديثا طويلا، قال: و في الحديث-: أن أهل النار إذا دخلوها و رأوا أنكالها و أهوالها، و علموا عذابها و عقابها، و رأوها كما قال زين العابدين (عليه السلام): " ما ظنك بنار لا تبقي على من تضرع إليها، و لا تقدر على التخفيف عمن خشع لها، و استسلم إليها، تلقي سكانها بأحر ما لديها من أليم النكال، و شديد الوبال ". يعرفون أن أهل الجنة في ثواب عظيم، و نعيم مقيم، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفف عنهم بعض العذاب الأليم، كما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز:وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } [الأعراف: 50]. قال: فيحبس عنهم الجواب إلى أربعين سنة، ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار و التهوين:إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [الأعراف: 50]، قال: فيرون الخزنة عندهم و هم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب فيؤملون أن يجدوا عندهم فرحا بسبب من الأسباب، كما قال الله جل جلاله:

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } ، قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة، ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال { قَالُواْ فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } ، قال: فإذا يئسوا من خزنة جهنم، رجعوا إلى مالك مقدم الخزان، و أملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان، كما قال الله جل جلاله:وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [الزخرف: 77] قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة، و هم في العذاب، ثم يجيبهم، كما قال الله تعالى في كتابه المكنون:قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [الزخرف: 77] قال: فإذا يئسوا من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شيء عندهم في دنياهم، و كان قد آثر كل واحد منهم عليه هواه مدة الحياة، و كان قد قرر عندهم بالعقل و النقل أنه واضح لهم على يد الهداة سبل النجاة، و عرفهم بلسان الحال أنهم الملقون بأنفسهم إلى دار النكال و الأهوال، و أن باب القبول يغلق عن الكفار بالممات أبد الآبدين، و كان يقول لهم في أوقات كانوا في الحياة الدنيا من المكلفين بلسان الحال الواضح المبين: هب إنكم ما صدقتموني في هذا المقال، أما تجوزون أن أكون مع الصادقين؟ فكيف أعرضتم عني و شهدتم بتكذيبي و تكذيب من صدقني من المرسلين و المؤمنين؟ فهلا تحرزتم من هذا الضرر المحذر الهائل؟ أما سمعتم بكثرة المرسلين، و تكرار الرسائل.

السابقالتالي
2