قوله تعالى: { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ * فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } - إلى قوله تعالى- { فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } [139- 177] 9044/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس، و كان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك فهم أن يدعو عليهم، و كان فيهم رجلان: عابد، و عالم، و كان اسم أحدهما مليخا، و اسم الآخر روبيل، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، و كان العالم ينهاه، و يقول: لا تدع عليهم فإن الله يستجيب لك، و لا يحب هلاك عباده. فقبل قول العابد، و لم يقبل من العالم، فدعا عليهم، فأوحى الله عز و جل إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا و كذا، في شهر كذا و كذا، و في يوم كذا و كذا. فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد، و بقي العالم فيها، فلما كان ذلك اليوم نزل العذاب، فقال لهم العالم: يا قوم، افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم، فيرد العذاب عنكم. فقالوا: كيف نصنع؟ قال: اجتمعوا و اخرجوا إلى المفازة، و فرقوا بين النساء و الأولاد، و بين الإبل و أولادها، و بين البقر و أولادها، و بين الغنم و أولادها، ثم ابكوا، و ادعوا. فذهبوا، و فعلوا ذلك، و ضجوا، و بكوا، فرحمهم الله، و صرف عنهم العذاب، و فرق العذاب على الجبال، و قد كان نزل و قرب منهم. فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله تعالى، فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم، قال: لهم: ما فعل قوم يونس. فقالوا له، و لم يعرفوه: إن يونس دعا عليهم فاستجاب الله له، و نزل العذاب عليهم، فاجتمعوا و بكوا، و دعوا، فرحمهم الله، و صرف ذلك عنهم، و فرق العذاب على الجبال، فهم إذن يطلبون يونس ليؤمنوا به. فغضب يونس، و مر على وجهه مغاضبا- كما حكى الله- حتى انتهى إلى ساحل البحر، فإذا سفينة قد شحنت، و أرادوا أن يدفعوها، فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه، فلما توسطوا البحر، بعث الله حوتا عظيما، فحبس عليهم السفينة من قدامها، فنظر إليه يونس ففزع منه و صار إلى مؤخر السفينة، فدار الحوت إليه و فتح فاه، فخرج أهل السفينة، فقالوا: فينا عاص، فتساهموا، فخرج سهم يونس، و هو قول الله عز و جل: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فأخرجوه، فألقوه في البحر، فالتقمه الحوت و هو مليم، و مر به في الماء.