الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ } * { وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّـسْهُ فِي ٱلْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ } * { وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ } * { لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } * { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } * { وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } * { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ } * { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ }

قوله تعالى:

{ ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } - إلى قوله تعالى- { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ } [65- 75]

8939/ [1]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، قال:

حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل، قال (عليه السلام) فيه: " و فرض الله على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي الله، و فرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز و جل، فقال:وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } [الإسراء: 37]، و قال:وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } [لقمان: 19].

و قال فيما شهدت الأيدي و الأرجل على أنفسها، و على أربابها، من تضييعها لما أمر الله عز و جل به، و فرضه عليها: { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } ، فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين و على الرجلين، و هو عملهما، و هو من الإيمان ".

و الحديث بطوله تقدم في قوله تعالى:وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ } [الآية: 124] من سورة براءة.

8940/ [2]- علي بن إبراهيم، في قوله تعالى: { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ } - إلى قوله تعالى - { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } قال: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة دفع إلى كل إنسان كتابه، فينظرون فيه، فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا، فتشهد عليهم الملائكة، فيقولون: يا رب، ملائكتك يشهدون لك. ثم يحلفون أنهم لم يفعلوا من ذلك شيئا، و هو قوله:يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } [المجادلة: 18] فإذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم، و تنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون.

قوله: { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } ، يقول: كيف يبصرون { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ } يعني في الدنيا { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ }. و قوله: { وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّـسْهُ فِي ٱلْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ، فإنه رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد، و يقولون: إن الرجل إذا نكح المرأة و صارت النطفة في رحمها تلقته الأشكال من الغذاء، و دار عليه الفلك، و مر عليه الليل و النهار، فيتولد الإنسان بالطبائع من الغذاء و مرور الليل و النهار، فنقض الله عليهم قولهم في حرف واحد، فقال: { وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّـسْهُ فِي ٱلْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ }.

قال: لو كان هذا كما يقولون لكان ينبغي أن يزيد الإنسان أبدا، ما دامت الأشكال قائمة، و الليل و النهار قائمين، و الفلك يدور، فكيف صار يرجع إلى النقصان، كلما ازداد في الكبر، إلى حد الطفولية، و نقصان السمع، و البصر، و القوة، و العلم، و المنطق حتى ينقص، و ينكس في الخلق؟ و لكن ذلك من خلق العزيز العليم، و تقديره.

السابقالتالي
2