الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ }

قوله تعالى:

{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } - إلى قوله تعالى- { وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } [68- 69]

8181/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } ، قال: يختار الله الإمام، و ليس لهم أن يختاروا.

ثم قال: { وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } ، قال: ما عزموا عليه من الاختيار، و أخبر الله نبيه (صلى الله عليه و آله) قبل ذلك.

8182/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أبي محمد القاسم بن العلاء (رحمه الله)، رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة، و كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي (عليه السلام)، فأعلمته في خوض الناس فيه، فتبسم (عليه السلام)، ثم قال: " يا عبد العزيز، جهل القوم، و خدعوا عن أديانهم ، إن الله عز و جل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه و آله) حتى أكمل له الدين، و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء، بين فيه الحلال و الحرام، و الحدود و الأحكام، و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، و قال عز و جل:مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ } [الأنعام: 38] و أنزل فيه ما أنزل في حجة الوداع- و هي آخر عمره (صلى الله عليه و آله)-:ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً } [المائدة: 3]، و أمر الإمامة من تمام الدين، و لم يمض رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى بين لامته معالم دينهم، و أوضح لهم سبيلهم، و تركهم على قصد سبيل الحق، و أقام لهم عليا (عليه السلام) علما و إماما، و ما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، و من رد كتاب الله فهو كافر به.

هل يعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة، فيجوز فيها اختيارهم؟ إن الإمامة أجل قدرا، و أعظم شأنا، و أعلى مكانا، و أمنع جانبا، و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم.

إن الإمامة خص الله عز و جل بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة، و فضيلة شرفه بها، و أشاد بها ذكره، فقال:إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً } [الأنعام: 124]، فقال الخليل (عليه السلام)، سرورا بها:وَمِن ذُرِّيَّتِي } [الأنعام: 124] قال الله تبارك و تعالى:لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ } [الأنعام: 124]، فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة، و صارت في الصفوة، ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة و الطهارة، فقال:

السابقالتالي
2 3 4 5