الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ } * { فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } * { فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ }

قوله تعالى:

{ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } - إلى قوله تعالى- { وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ } [15- 19]

8104/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن حمدان ابن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون، و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)- و ذكر حديث عصمة الأنبياء (عليهم السلام)، و قد ذكرنا منه غير مرة- فكان فيما سأل المأمون الرضا (عليه السلام) أن قال له: أخبرني عن قول الله عز و جل: { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ }.

قال الرضا (عليه السلام): " إن موسى (عليه السلام) دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها، و ذلك بين المغرب و العشاء، فوجد فيها رجلين يقتتلان: هذا من شيعته، و هذا من عدوه، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه، فقضى موسى (عليه السلام) على العدو بحكم الله تعالى، فوكزه فمات، قال: { هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ } يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسى (عليه السلام) من قتله، إنه يعني الشيطان { إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } ".

قال المأمون: فما معنى قول موسى (عليه السلام): { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي }؟

قال: " يقول: إني وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة، فاغفر لي، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني { فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } ، قال موسى (عليه السلام): { رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى.

{ فَأَصْبَحَ } موسى (عليه السلام) { فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ } ، قال له موسى: إنك لغوي مبين، قاتلت رجلا بالأمس، و تقاتل هذا اليوم؟ لأؤدبنك ، و أراد أن يبطش به، فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما، و هو من شيعته، قال: يا موسى: { أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ } ".

قال المأمون: جزاك الله عن أنبيائه خيرا، يا أبا الحسن.

8105/ [2]- الطبرسي: روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " ليهنئكم الاسم " قال: قلت: و ما الاسم؟

قال: " الشيعة، أما سمعت الله سبحانه يقول: { فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } ".

8106/ [3]- ابن بابويه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد ابن هلال، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عبد الله بن رباط، عن محمد بن النعمان الأحوال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل:وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَٱسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } [القصص: 14]، قال: " أشده ثماني عشر سنة، و استوى: التحى ".