7986/ [1]- علي بن إبراهيم: قعد على كرسيه، فحملته الريح، فمرت به على وادي النمل، و هو واد ينبت الذهب و الفضة، و قد وكل الله به النمل، و هو قول الصادق (عليه السلام): " إن لله واديا ينبت الذهب و الفضة، قد حماه بأضعف خلقه، و هو النمل، لو رامته البخاتي من الإبل ما قدرت عليه ". فلما انتهى سليمان إلى وادي النمل، قالت نملة:{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } [النمل: 18-19] إلى قوله تعالى:{ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ } [النمل: 19]. و كان سليمان إذا قعد على كرسيه، جاءت جميع الطير التي سخرها الله لسليمان، فتظل الكرسي و البساط- بجميع من عليه- من الشمس، فغاب عنه الهدهد من بين الطير، فوقعت الشمس من موضعه في حجر سليمان (عليه السلام)، فرفع رأسه، و قال، كما حكى الله:{ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } [النمل: 20] إلى قوله تعالى:{ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [النمل: 21] أي بحجة قوية، فلم يمكث إلا قليلا، إذ جاء الهدهد، فقال له سليمان: " أين كنت؟ " قال:{ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } [النمل: 22] أي بخبر صحيح{ إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } [النمل: 23]، و هذا مما لفظه عام، و معناه خاص، لأنها لم تؤت أشياء كثيرة، منها: الذكر، و اللحية. ثم قال:{ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [النمل: 24] إلى قوله تعالى:{ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } [النمل: 24]، ثم قال الهدهد:{ أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [النمل: 25] أي المطر، و في{ وَٱلأَرْضِ } [النمل: 25] النبات. ثم قال سليمان:{ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } [النمل: 27] إلى قوله تعالى:{ مَاذَا يَرْجِعُونَ } [النمل: 28]. فقال الهدهد: إنها في حصن منيع، في سبأ{ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } [النمل: 23] أي سرير. قال سليمان: " الق الكتاب على قبتها " فجاء الهدهد، فألقى الكتاب في حجرها، فارتاعت من ذلك، و جمعت جنودها، و قالت لهم، كما حكى الله:{ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } [النمل: 29] أي مختوم،{ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } [النمل: 30-31] أي لا تتكبروا علي. ثم قالت:{ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } [النمل: 32]، فقالوا لها، كما حكى الله:{ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } [النمل: 33] فقالت لهم:{ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً } [النمل: 34]. فقال الله عز و جل:{ وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } [النمل: 34]. ثم قالت: إن كان هذا نبيا من عند الله- كما يدعي- فلا طاقة لنا به، فإن الله لا يغلب، و لكن سأبعث إليه بهدية، فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها، و علمت أنه لا يقدر علينا.