الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ }

قوله تعالى:

{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } - إلى قوله تعالى - { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [23]

7256/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك- يا بن رسول الله- شوقني.

فقال: " يا أبا محمد، إن من أدنى نسيم الجنة أن يوجد ريحها على قلوب أهلها يوم الأخذ بالكظم و الخناق من مسيرة ألف عام من مسافة أهل الدنيا، و إن أدنى أهل الجنة منزلا لو نزل به أهل الثقلين الجن و الإنس لوسعهم طعاما و شرابا، و لا ينقص مما عنده شيء، و إن أيسر أهل الجنة منزلا يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق، فإذا دخل أدناهن رأى فيها من الأزواج و الخدم و الأنهار و الثمار ما شاء الله مما يملأ عينيه قرة، و قلبه مسرة.

فإذا شكر الله و حمده قيل له: أرفع رأسك إلى الحديقة الثانية، ففيها ما ليس في الأخرى فيقول: يا رب أعطني هذه فيقول الله تعالى: إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول: رب، هذه هذه فإذا دخلها شكر الله و حمده " قال: " فيقال: افتحوا له بابا إلى الجنة و يقال له: ارفع رأسك فإذا قد فتح له باب من الخلد، و يرى أضعاف ما كان هو فيه فيما قبل، فيقول عند مضاعفة مسراته: رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت علي بالجنان، و أنجيتني من النيران ".

قال أبو بصير: فبكيت، و قلت له: جعلت فداك، زدني، قال: " يا أبا محمد إن في الجنة نهرا في حافتيه جوار نابتات، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها، و أنبت الله مكانها أخرى ".

قلت: جعلت فداك، زدني. قال: المؤمن يزوج ثمان مائة عذراء، و أربعة آلاف ثيب، و زوجتين من الحور العين ".

قلت: جعلت فداك، ثمان مائة عذراء! قال: " نعم، ما يفترش منهن شيئا إلا وجدها كذلك ".

قلت: جعلت فداك، من أي شيء خلقت الحور العين؟ قال: " من تربة الجنة النورانية، و يرى مخ ساقيها من وراء سبعين حلة، كبدها مرآته، و كبده مرآتها ".

قلت: جعلت فداك، أ لهن كلام يكلمن به أهل الجنة؟ قال: " نعم، كلام يتكلمن به، لم يسمع الخلائق بمثله و أعذب منه ".

قلت: ما هو؟ قال: " يقلن بأصوات رخيمة: نحن الخالدات فلا نموت، و نحن الناعمات فلا نيبس، و نحن المقيمات فلا نظعن، و نحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق لنا، و طوبى لمن خلقنا له، و نحن اللواتي لو أن قرن إحدانا علق في جو السماء لأغشى نوره الأبصار ".

فهاتان الآيتان تفسيرهما رد على من أنكر خلق الجنة و النار، و سيأتي - إن شاء الله تعالى - في صفة الجنة و الحور العين في قوله تعالى: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ و غيرها من الآيات ، و تقدم من ذلك في قوله تعالى:يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [الآية: 85] من سورة مريم.