الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ }

قوله تعالى:

{ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } [13]

[2]- في كتاب (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): أحسن الموعظة ما لا يجاوز القول حد الصدق، و الفعل حد الإخلاص، فان مثل الواعظ و المتعظ كاليقظان و الراقد، فمن استيقظ عن رقدته و غفلته و مخالفته و معاصيه، صلي أن يوقظ غيره من ذلك الرقاد، و أما السائر في مفاوز الاعتداء، و الخائض في مراتع الغي و ترك الحياء، باستحباب السمعة و الرياء، و الشهرة و التصنع في الخلق، المتزيي بزي الصالحين، المظهر بكلامه عمارة باطنه، و هو في الحقيقة خال عنها، قد غمرتها وحشة حب المحمدة، و غشيتها ظلمة الطمع، فما أفتنه بهواه، و أضل الناس بمقاله! قال الله عز و جل: { لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ }.

و أما من عصمه الله بنور التأييد، و حسن التوفيق و طهر قلبه من الدنس، فلا يفارق المعرفة و التقى، فيستمع الكلام من الأصل و يترك قائله كيفما كان، قالت الحكماء: خذ الحكمة و لو من أفواه المجانين قال عيسى (عليه السلام):

جالسوا من تذكركم الله رؤيته و لقاؤه، فضلا عن الكلام، و لا تجالسوا من يوافقه ظاهركم، و يخالفه باطنكم، فإن ذلك المدعي بما ليس له إن كنتم صادقين في استفادتكم، فإذا لقيت من فيه ثلاث خصال فاغتنم رؤيته و لقاءه و مجالسته و لو ساعة، فإن ذلك يؤثر في دينك و قلبك و عبادتك بركاته، و من كان قوله لا يجاوز فعله، و فعله لا يجاوز صدقه، و صدقه لا ينازع ربه، فجالسه بالحرمة، و انتظر الرحمة و البركة، و احذر لزوم الحجة عليك، و راع وقته كيلا تلومه فتخسر، و انظر إليه بعين فضل الله عليه، و تخصيصه له، و كرامته إياه.