الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ } * { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }

563/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): إن الله تعالى لما وبخ هؤلاء اليهود على لسان رسوله محمد (صلى الله عليه و آله) و قطع معاذيرهم، و أقام عليهم الحجج الواضحة بأن محمدا سيد النبيين، و خير الخلائق أجمعين، و أن عليا سيد الوصيين، و خير من يخلفه بعده في المسلمين و أن الطيبين من آله هم القوام بدين الله، و الأئمة لعباد الله عز و جل، و انقطعت معاذيرهم، و هم لا يمكنهم إيراد حجة و لا شبهة، فجاءوا إلى أن تكاثروا فقالوا: ما ندري ما نقول، و لكنا نقول: إن الجنة خالصة لنا من دونك- يا محمد- و دون علي، و دون أهل دينك و أمتك، و إنا بكم مبتلون ممتحنون، و نحن أولياء الله المخلصون، و عباده الخيرون، و مستجاب دعاؤنا، غير مردود علينا شيء من سؤالنا ربنا.

فلما قالوا ذلك، قال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه و آله) قل: يا محمد، لهؤلاء اليهود: { إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ } الجنة و نعيمها { خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ } محمد و علي و الأئمة، و سائر الأصحاب و مؤمني الأمة، و أنكم بمحمد و ذريته ممتحنون، و أن دعاءكم مستجاب غير مردود { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } للكاذبين منكم و من مخالفيكم.

فإن محمدا و عليا و ذريتهما يقولون: إنهم هم أولياء الله عز و جل من دون الناس الذين يخالفونهم في دينهم، و هم المجاب دعاؤهم فإن كنتم- يا معشر اليهود- كما تزعمون، فتمنوا الموت للكاذبين منكم و من مخالفيكم { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } بأنكم أنتم المحقون المجاب دعاؤكم على مخالفيكم، فقولوا: اللهم أمت الكاذب منا و من مخالفينا ليستريح منه الصادقون، و لتزداد حجتكم وضوحا بعد أن صحت و وجبت.

ثم قال لهم رسول الله محمد (صلى الله عليه و آله) بعد ما عرض هذا عليهم: لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه فمات مكانه و كانت اليهود علماء بأنهم هم الكاذبون، و أن محمدا (صلى الله عليه و آله) و عليا (عليه السلام) و مصدقيهما هم الصادقون، فلم يجسروا أن يدعوا بذلك، لعلمهم بأنهم إن دعوا فهم الميتون.

فقال الله تعالى: { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } يعني اليهود، لن يتمنوا الموت بما قدمت أيديهم من الكفر بالله، و بمحمد رسوله و نبيه و صفيه، و بعلي أخي نبيه و وصيه، و بالطاهرين من الأئمة المنتجبين.

قال الله تعالى: { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ } اليهود، أنهم لا يجسرون أن يتمنوا الموت للكاذب، لعلمهم أنهم هم الكاذبون، و لذلك آمرك أن تبهرهم بحجتك، و تأمرهم أن يدعوا على الكاذب، ليمتنعوا من الدعاء، و يبين للضعفاء أنهم هم لكاذبون.

السابقالتالي
2 3 4