الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

557/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " { وَإِذَا قِيلَ } لهؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم { آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } على محمد من القرآن المشتمل على الحلال و الحرام، و الفرائض و الأحكام { قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا } و هو التوراة { وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ } يعني ما سواه، لا يؤمنون به { وَهُوَ ٱلْحَقُّ } و الذي يقول هؤلاء اليهود: إنه وراءه، هو الحق، لأنه هو الناسخ و المنسوخ الذي قدمه الله عز و جل.

قال الله تعالى: { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ } أي: لم كان يقتل أسلافكم { أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } بالتوراة، أي ليست التوراة الآمرة بقتل الأنبياء، فإذا كنتم تَقْتُلُونَ الأنبياء، فما آمنتم بما أنزل عليكم من التوراة، لأن فيها تحريم قتل الأنبياء، كذلك إذا لم تؤمنوا بمحمد، و بما أنزل عليه و هو القرآن، و فيه الأمر بالإيمان به، فأنتم ما آمنتم بعد بالتوراة.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أخبر الله تعالى أن من لا يؤمن بالقرآن، فما آمن بالتوراة، لأن الله تعالى أخذ عليهم الإيمان بهما، لا يقبل الإيمان بأحدهما إلا مع الإيمان بالآخر. فكذلك فرض الله الإيمان بولاية علي بن أبي طالب كما فرض الإيمان بمحمد، فمن قال: آمنت بنبوة محمد و كفرت بولاية علي بن أبي طالب، فما آمن بنبوة محمد.

إن الله تعالى إذا بعث الخلائق يوم القيامة، نادى منادي ربنا نداء تعريف الخلائق في إيمانهم و كفرهم، فقال:

الله أكبر، الله أكبر و مناد آخر ينادي: معاشر الخلائق ساعدوه على هذه المقالة فأما الدهرية و المعطلة فيخرسون عن ذلك، و لا تنطق ألسنتهم، و يقولها سائر الناس من الخلائق، فيمتاز الدهرية و المعطلة من سائر الناس بالخرس.

ثم يقول المنادي: أشهد أن لا إله إلا الله فيقول الخلائق كلهم ذلك، إلا من كان يشرك بالله تعالى من المجوس و النصارى و عبدة الأوثان، فإنهم يخرسون فيتبينون بذلك من سائر الخلائق.

ثم يقول المنادي: اشهد أن محمدا رسول الله فيقولها المسلمون أجمعون، و تخرس عنها اليهود و النصارى و سائر المشركين. ثم ينادي مناد آخر من عرصات القيامة: ألا فسوقوهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد بالنبوة، فإذا النداء من قبل الله تعالى: لا، بلوَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } [الصافات: 24].

يقول الملائكة- الذين قالوا: سوقوهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد بالنبوة: لماذا يوقفون، يا ربنا؟

فإذا النداء من قبل الله تعالى: قفوهم إنهم مسئولون عن ولاية علي بن أبي طالب و آل محمد- يا عبادي و إمائي- إني أمرتهم مع الشهادة بمحمد بشهادة أخرى، فإن جاءوا بها يعطوا ثوابهم، و أكرموا مآبهم، و إن لم يأتوا بها، لم تنفعهم الشهادة لمحمد بالنبوة و لا لي بالربوبية، فمن جاء بها فهو من الفائزين، و من لم يأت بها فهو من الهالكين ".

السابقالتالي
2