الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

550/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " ذم الله اليهود، فقال: { وَلَمَّا جَآءَهُمْ } يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم، و إخوانهم من اليهود، جاءهم { كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } القرآن { مُصَدِّقٌ } ذلك الكتاب لِما مَعَهُمْ من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل، المؤيد بخير خلق الله بعده: علي ولي الله { وَكَانُواْ } يعني هؤلاء اليهود { مِن قَبْلُ } ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بالرسالة { يَسْتَفْتِحُونَ } يسألون الله الفتح و الظفر { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أعدائهم و المناوئين لهم، و كان الله يفتح لهم و ينصرهم.

قال الله عز و جل: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ } جاء هؤلاء اليهود ما { عَرَفُواْ } من نعت محمد (صلى الله عليه و آله) و صفته { كَفَرُواْ بِهِ } جحدوا نبوته حسدا له، و بغيا عليه، قال الله عز و جل: { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تعالى أخبر رسوله بما كان من إيمان اليهود بمحمد (صلوات الله عليه و آله) قبل ظهوره، و من استفتاحهم على أعدائهم بذكره، و الصلاة عليه و على آله ".

قال (عليه السلام): " و كان الله عز و جل أمر اليهود في أيام موسى (عليه السلام) و بعده إذا دهمهم أمر، أو دهتهم داهية أن يدعوا الله عز و جل بمحمد و آله الطيبين، و أن يستنصروا بهم، و كانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بسنين كثيرة يفعلون ذلك، فيكفون البلاء و الدهماء و الداهية.

و كانت اليهود قبل ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بعشر سنين تعاديهم أسد و غطفان- قوم من المشركين- و يقصدون أذاهم، فكانوا يستدفعون شرورهم و بلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد و آله الطيبين، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد و غطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود و هم ثلاثمائة فارس، و دعوا الله بمحمد و آله فهزموهم و قطعوهم.

فقالت أسد و غطفان بعضهما لبعضهم: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل فاستعانوا عليهم بالقبائل و أكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، و قصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم، فألجئوهم إلى بيوتها، و قطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، و منعوا عنهم الطعام، و استأمن اليهود فلم يأمنوهم، و قالوا: لا، إلا أن نقتلكم و نسبيكم و ننهبكم.

فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع؟ فقال لهم أماثلهم و ذوو الرأي منهم: أما أمر موسى أسلافكم و من بعدهم بالاستنصار بمحمد و آله الطيبين؟ أما أمركم بالابتهال إلى الله عز و جل عند الشدائد بهم؟ قالوا: بلى قالوا: فافعلوا.

السابقالتالي
2 3 4