الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ }

549/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الله عز و جل: { وَقَالُواْ } يعني هؤلاء اليهود الذي أراهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) المعجزات المذكورات عند قوله:فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ } [البقرة: 74] الآية { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أوعية للخير و العلوم، قد أحاطت بها و اشتملت عليها، ثم هي مع ذلك لا تعرف لك- يا محمد- فضلا مذكورا في شيء من كتب الله، و لا على لسان أحد من أنبياء الله.

فقال الله تعالى ردا عليهم: بَلْ ليس كما يقولون أوعية للعلوم، و لكن قد { لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أبعدهم الله من الخير { فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } قليل إيمانهم، يؤمنون ببعض ما أنزل الله، و يكفرون ببعض، فإذا كذبوا محمدا في سائر ما يقول: فقد صار ما كذبوا به أكثر، و ما صدقوا به أقل.

و إذا قرئ (غلف) فإنهم قالوا: قلوبنا غلف في غطاء، فلا نفهم كلامك و حديثك، نحو ما قال الله عز و جل:وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } [فصلت: 5] و كلا القراءتين حق، و قد قالوا بهذا و بهذا جميعا.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): معاشر اليهود، تعاندون رسول الله رب العالمين، و تأبون الاعتراف بأنكم كنتم بذنوبكم من الجاهلين، إن الله لا يعذب بها أحدا، و لا يزيل عن فاعل هذا عذابه أبدا، إن آدم (عليه السلام) لم يقترح على ربه المغفرة لذنبه إلا بالتوبة، فكيف تقترحونها أنتم مع عنادكم؟! قيل: و كيف كان ذاك، يا رسول الله؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما زلت الخطيئة من آدم (عليه السلام) و أخرج من الجنة و عوتب و وبخ، قال: يا رب، إن تبت و أصلحت، أ تردني إلى الجنة؟ قال: بلى. قال آدم: فكيف أصنع- يا رب- حتى أكون تائبا و تقبل توبتي؟

فقال الله عز و جل: تسبحني بما أنا أهله، و تعترف بخطيئتك كما أنت أهله، و تتوسل إلي بالفاضلين الذين علمتك أسماءهم، و فضلتك بهم على ملائكتي، و هم محمد و آله الطيبون، و أصحابه الخيرون.

فوفقه الله تعالى، فقال: يا رب، لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك، عملت سوءا و ظلمت نفسي، فارحمني و أنت أرحم الراحمين، بحق محمد و آله الطيبين و خيار أصحابه المنتجبين، سبحانك و بحمدك لا إله إلا أنت، عملت سوءا و ظلمت نفسي، فتب علي إنك أنت التواب الرحيم، بحق محمد و آله الطيبين و خيار أصحابه المنتجبين.

فقال الله تعالى: لقد قبلت توبتك، و آية ذلك أن أنقي بشرتك فقد تغيرت- و كان ذلك لثلاثة عشر من شهر رمضان- فصم هذه الثلاثة أيام التي تستقبلك، فهي أيام البيض، ينقي الله في كل يوم بعض بشرتك فصامها فنقى في كل يوم منها ثلث بشرته.

السابقالتالي
2