الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }

546/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الله عز و جل- و هو يخاطب اليهود الذي أظهر محمد (صلى الله عليه و آله) المعجزات لهم عند تلك الجبال و يوبخهم-: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } التوراة، المشتمل على أحكامنا، و على ذكر فضل محمد و آله الطيبين، و إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) و خلفائه بعده، و شرف أحوال المسلمين له، و سوء أحوال المخالفين عليه.

{ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ } جعلنا رسولا في إثر رسول { وَآتَيْنَا } أعطينا { عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ } الآيات الواضحات، مثل: إحياء الموتى، و إبراء الأكمه و الأبرص، و الإنباء بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم { وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } و هو جبرئيل (عليه السلام)، و ذلك حين رفعه من روزنة بيته إلى السماء، و ألقى شبهه على من رام قتله، فقتل بدلا منه، و قيل: هو المسيح ".

و قال الإمام (عليه السلام): " ثم وجه الله عز و جل العذل نحو اليهود المذكورين في قوله:ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ } [البقرة: 74] فقال: { أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ } فأخذ عهودكم و مواثيقكم بما لا تحبون: من بذل الطاعة لأوليائه الله الأفضلين و عباده المنتجبين محمد و آله الطيبين الطاهرين، لما قالوا لكم، كما أداه إليكم أسلافكم الذين قيل لهم: إن ولاية محمد و آل محمد هي الغرض الأقصى و المراد الأفضل، ما خلق الله أحدا من خلقه و لا بعث أحدا من رسله إلا ليدعوهم إلى ولاية محمد و علي و خلفائه (عليهم السلام)، و يأخذ بها عليهم العهد ليقيموا عليه، و ليعمل به سائر عوام الأمم فلهذا { ٱسْتَكْبَرْتُمْ } كما استكبر أوائلكم حتى قتلوا زكريا و يحيى، و استكبرتم أنتم حتى رمتم قتل محمد و علي (عليهما السلام)، فخيب الله تعالى سعيكم، ورد في نحوركم كيدكم.

و أما قوله عز و جل: { تَقْتُلُونَ } فمعناه: قتلتم، كما تقول لمن توبخه: ويلك كم تكذب و كم تخرق، و لا تريد ما لم يفعله بعد، و إنما تريد: كم فعلت و أنت عليه موطن ".

547/ [2]- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عمار بن مروان، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " أ فكلما جاءكم محمد (صلى الله عليه و آله) بما لا تهوى أنفسكم بولاية علي (عليه السلام) استكبرتم ففريقا من آل محمد (عليهم السلام) كذبتم، و فريقا تقتلون ".

548/ [3]- العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: أما قوله: { أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ } قال أبو جعفر: " ذلك مثل موسى و الرسل من بعده و عيسى (صلوات الله عليهم)، ضرب مثلا لأمة محمد (صلى الله عليه و آله)، فقال الله لهم: فإن جاءكم محمد بما لا تهوى أنفسكم بموالاة علي استكبرتم ففريقا من آل محمد كذبتم، و فريقا تقتلون، فذلك تفسيرها في الباطن ".