543/]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } و اذكروا- يا بني إسرائيل- حين أخذنا ميثاقكم على أسلافكم، و على كل من يصل إليه الخبر بذلك من أخلافهم الذين أنتم منهم { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } لا يسفك بعضكم دماء بعض { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ } و لا يخرج بعضكم بعضا من ديارهم. { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ } بذلك الميثاق، كما أقر به أسلافكم، و التزمتموه كما التزموه { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } بذلك على أسلافكم و أنفسكم { ثُمَّ أَنْتُمْ } معاشر اليهود { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ } يقتل بعضكم بعضا { وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ } غصبا و قهرا { تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ } يظاهر بعضكم بعضا على إخراج من تخرجونه من ديارهم، و قتل من تقتلونه منهم بغير حق { بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } بالتعدي تتعاونون و تتظاهرون. { وَإِن يَأتُوكُمْ } يعني هؤلاء الذين تخرجونهم، أي ترومون إخراجهم و قتلهم ظلما، إن يأتوكم { أُسَارَىٰ } قد أسرهم أعداؤكم و أعداؤهم { تُفَادُوهُمْ } من الأعداء بأموالكم { وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ } أعاد قوله عز و جل: { إِخْرَاجُهُمْ } و لم يقتصر على أن يقول: { تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ } لأنه لو قال ذلك لرأى أن المحرم إنما هو مفاداتهم. ثم قال عز و جل: { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ } و هو الذي أوجب عليكم المفاداة { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } و هو الذي حرم قتلهم و إخراجهم، فقال: فإذا كان قد حرم الكتاب قتل النفوس و الإخراج من الديار كما فرض فداء الأسراء، فما بالكم تطيعون في بعض، و تعصون في بعض، كأنكم ببعض كافرون، و ببعض مؤمنون؟! ثم قال عز و جل: { فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ } يا معشر اليهود { إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } جزية تضرب عليه، و يذل بها { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ } إلى جنس أشد العذاب، يتفاوت ذلك على قدر تفاوت معاصيهم { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } يعمل هؤلاء اليهود. ثم وصفهم فقال عز و جل: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ } رضوا بالدنيا و حطامها بدلا من نعيم الجنان المستحق بطاعات الله { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } لا ينصرهم أحد يرفع عنهم العذاب. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- لما نزلت هذه الآية في اليهود، هؤلاء اليهود [الذين] نقضوا عهد الله، و كذبوا رسل الله، و قتلوا أولياء الله-: أ فلا أنبئكم بمن يضاهئهم من يهود هذه الأمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: قوم من أمتي ينتحلون بأنهم من أهل ملتي، يقتلون أفاضل ذريتي، و أطايب أرومتي، و يبدلون شريعتي و سنتي، و يقتلون ولدي الحسن و الحسين، كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريا و يحيى. ألا و إن الله يلعنهم كما لعنهم، و يبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم، يحرفهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم.