الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } * { ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }

543/]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } و اذكروا- يا بني إسرائيل- حين أخذنا ميثاقكم على أسلافكم، و على كل من يصل إليه الخبر بذلك من أخلافهم الذين أنتم منهم { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } لا يسفك بعضكم دماء بعض { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ } و لا يخرج بعضكم بعضا من ديارهم.

{ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ } بذلك الميثاق، كما أقر به أسلافكم، و التزمتموه كما التزموه { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } بذلك على أسلافكم و أنفسكم { ثُمَّ أَنْتُمْ } معاشر اليهود { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ } يقتل بعضكم بعضا { وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ } غصبا و قهرا { تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ } يظاهر بعضكم بعضا على إخراج من تخرجونه من ديارهم، و قتل من تقتلونه منهم بغير حق { بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } بالتعدي تتعاونون و تتظاهرون.

{ وَإِن يَأتُوكُمْ } يعني هؤلاء الذين تخرجونهم، أي ترومون إخراجهم و قتلهم ظلما، إن يأتوكم { أُسَارَىٰ } قد أسرهم أعداؤكم و أعداؤهم { تُفَادُوهُمْ } من الأعداء بأموالكم { وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ } أعاد قوله عز و جل: { إِخْرَاجُهُمْ } و لم يقتصر على أن يقول: { تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ } لأنه لو قال ذلك لرأى أن المحرم إنما هو مفاداتهم.

ثم قال عز و جل: { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ } و هو الذي أوجب عليكم المفاداة { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } و هو الذي حرم قتلهم و إخراجهم، فقال: فإذا كان قد حرم الكتاب قتل النفوس و الإخراج من الديار كما فرض فداء الأسراء، فما بالكم تطيعون في بعض، و تعصون في بعض، كأنكم ببعض كافرون، و ببعض مؤمنون؟! ثم قال عز و جل: { فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ } يا معشر اليهود { إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } جزية تضرب عليه، و يذل بها { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ } إلى جنس أشد العذاب، يتفاوت ذلك على قدر تفاوت معاصيهم { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } يعمل هؤلاء اليهود.

ثم وصفهم فقال عز و جل: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ } رضوا بالدنيا و حطامها بدلا من نعيم الجنان المستحق بطاعات الله { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } لا ينصرهم أحد يرفع عنهم العذاب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- لما نزلت هذه الآية في اليهود، هؤلاء اليهود [الذين] نقضوا عهد الله، و كذبوا رسل الله، و قتلوا أولياء الله-: أ فلا أنبئكم بمن يضاهئهم من يهود هذه الأمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: قوم من أمتي ينتحلون بأنهم من أهل ملتي، يقتلون أفاضل ذريتي، و أطايب أرومتي، و يبدلون شريعتي و سنتي، و يقتلون ولدي الحسن و الحسين، كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريا و يحيى.

ألا و إن الله يلعنهم كما لعنهم، و يبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم، يحرفهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم.

السابقالتالي
2