الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

519/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الله عز و جل: { وَقَالُواْ } يعني اليهود المصرون للشقاوة، المظهرون للإيمان، المسرون للنفاق، المدبرون على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و ذويه بما يظنون أن فيه عطبهم:

{ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } و ذلك أنه كان لهم أصهار و إخوة رضاع من المسلمين، يسترون كفرهم عن محمد (صلى الله عليه و آله) و صحبه، و إن كانوا به عارفين، صيانة لهم لأرحامهم و أصهارهم.

قال لهم هؤلاء: لم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون؟

أجابهم هؤلاء اليهود: بأن مدة ذلك العقاب الذي نعذب به لهذه الذنوب { أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } تنقضي، ثم نصير بعد في النعمة في الجنان، فلا نتعجل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا، فإنها تفنى و تنقضي، و نكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة، و لذات نعم الدنيا، ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد، فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فنى.

فقال الله عز و جل: { قُلْ } يا محمد: { أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْداً } أن عذابكم على كفركم بمحمد و دفعكم لآياته في نفسه، و في علي و سائر خلفائه و أوليائه، منقطع غير دائم؟ بل ما هو إلا عذاب دائم لا نفاد له، فلا تجترئوا على الآثام و القبائح من الكفر بالله و برسوله و بوليه المنصوب بعده على أمته، ليسوسهم و يرعاهم بسياسة الوالد الشفيق الرحيم الكريم لولده، و رعاية الحدب " المشفق على خاصته.

{ فَلَنْ يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُ } فكذلك أنتم بما تدعون من فناء عذاب ذنوبكم هذه في حرز { أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أتخذتم عهدا، أم تقولون؟ بل أنتم- في أيهما ادعيتم- كاذبون ".

ثم قال الله عز و جل: { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ".

قال الإمام (عليه السلام): " السيئة المحيطة به هي التي تخرجه عن جملة دين الله، و تنزعه عن ولاية الله، و ترميه في سخط الله، و هي الشرك بالله، و الكفر به، و الكفر بنبوة محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و الكفر بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كل واحدة من هذه سيئة تحيط به، أي تحيط بأعماله فتبطلها و تمحقها { فَأُوْلَـۤئِكَ } عاملو هذه السيئة المحيطة { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن ولاية علي حسنة لا يضر معها شيء من السيئات و إن جلت، إلا ما يصيب أهلها من التطهير منها بمحن الدنيا، و ببعض العذاب في الآخرة إلى أن ينجو منها بشفاعة مواليه الطيبين الطاهرين، و إن ولاية أضداد علي و مخالفة علي (عليه السلام) سيئة لا ينفع معها شيء إلا ما ينفعهم لطاعتهم في الدنيا بالنعم و الصحة و السعة، فيردون الآخرة و لا يكون لهم إلا دائم العذاب.

السابقالتالي
2