513/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الله تعالى: { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ } عست و جفت و يبست من الخير و الرحمة قلوبكم، معاشر اليهود { مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } من بعد ما بينت من الآيات الباهرات في زمان موسى (عليه السلام)، و من الآيات المعجزات التي شاهدتموها من محمد (صلى الله عليه و آله). { فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ } اليابسة لا ترشح برطوبة، و لا ينتفض منها ما ينتفع به، أي أنكم لا حق لله تردون، و لا من أموالكم، و لا من حواشيها تتصدقون، و لا بالمعروف تتكرمون و تجودون، و لا الضيف تقرون و لا مكروبا تغيثون، و لا بشيء من الإنسانية تعاشرون، و تعاملون. { أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } إنما هي في قساوة الأحجار، أو أشد قسوة، أبهم على السامعين، و لم يبين لهم، كما قال القائل: أكلت خبزا أو لحما، و هو لا يريد به: أني لا أدري ما أكلت، بل يريد أن يبهم على السامع حتى لا يعلم ما أكل، و إن كان يعلم أنه قد أكل. و ليس معناه بل أشد قسوة، لأن هذا استدراك غلط، و هو عز و جل يرتفع عن أن يغلط في خبر، ثم يستدرك على نفسه الغلط، لأنه العالم بما كان و ما يكون و ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، و إنما يستدرك الغلط على نفسه المخلوق المنقوص. و لا يريد به أيضا فهي كالحجارة أو أشد، أي و أشد قسوة، لأن هذا تكذيب الأول بالثاني، لأنه قال: { فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ } في الشدة لا أشد منها و لا ألين، فإذا قال بعد ذلك: أَوْ أَشَدُّ فقد رجع عن قوله الأول: إنها ليست بأشد. و هو مثل أن يقول: لا يجيء من قلوبكم خير، لا قليل و لا كثير، فأبهم عز و جل في الأول حيث قال: { أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } و بين في الثاني أن قلوبهم أشد قسوة من الحجارة، لا بقوله: { أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } و لكن بقوله: { وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَارُ } أي فهي في القساوة بحيث لا يجيء منها الخير، يا يهود، و في الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، فيجيء بالخير و الغياث لبني آدم. { وَإِنَّ مِنْهَا } من الحجارة { لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ } و هو ما يقطر منه الماء، فهو خير منها، دون الأنهار التي تتفجر من بعضها، و قلوبهم لا يتفجر منها الخيرات، و لا تشقق فيخرج منها قليل من الخيرات، و إن لم يكن كثيرا. ثم قال الله عز و جل: { وَإِنَّ مِنْهَا } يعني من الحجارة { لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } إذا أقسم عليها باسم الله و بأسماء أوليائه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهم (صلى الله عليهم)، و ليس في قلوبكم شيء من هذه الخيرات { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل عالم به، يجازيكم عنه بما هو به عادل عليكم، و ليس بظالم لكم، يشدد حسابكم، و يؤلم عقابكم.