الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ }

326/ [1]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه)، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ }.

قال: " الختم: هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم، كما قال الله عز و جل:بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء: 155]

327/ [2]- تفسير العسكري (عليه السلام)، قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أيكم وقى بنفسه نفس رجل مؤمن البارحة؟

فقال علي (عليه السلام): أنا هو- يا رسول الله- وقيت بنفسي نفس ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): " حدث بالقصة إخوانك المؤمنين، و لا تكشف عن اسم المنافقين الكائدين لنا، فقد كفاكم الله شرهم، و أخرهم للتوبة، لعلهم يتذكرون أو يخشون

". فقال علي (عليه السلام): بينا أنا أسير في بني فلان بظاهر المدينة، و بين يدي- بعيدا مني- ثابت بن قيس، إذ بلغ بئرا عادية عميقة بعيدة القعر، و هناك رجل من المنافقين فدفعه ليرميه في البئر، فتماسك ثابت، ثم عاد فدفعه، و الرجل لا يشعر بي حتى وصلت إليه، و قد اندفع ثابت في البئر، فكرهت أن اشتغل بطلب المنافق خوفا على ثابت، فوقعت في البئر لعلي آخذه، فنظرت فإذا أنا قد سبقته إلى قرار البئر.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): و كيف لا تسبقه و أنت أرزن منه؟! و لو لم يكن من رزانتك إلا ما في جوفك من علم الأولين و الآخرين، أودعه الله رسوله [و أودعك]، لكان من حقك أن تكون أرزن من كل شيء، فكيف كان حالك و حال ثابت؟

قال: يا رسول الله، صرت إلى البئر، و استقررت قائما، و كان ذلك أسهل علي و أخف على رجلي من خطاي التي كنت أخطوها رويدا رويدا، ثم جاء ثابت، فانحدر فوقع على يدي، و قد بسطتهما إليه، و خشيت أن يضرني سقوطه علي أو يضره، فما كان إلا كطاقة ريحان تناولتها بيدي.

ثم نظرت، فإذا ذلك المنافق و معه آخران على شفير البئر، و هو يقول لهما: أردنا واحدا فصار اثنين! فجاءوا بصخرة فيها مائة من فأرسلوها [علينا]، فخشيت أن تصيب ثابتا، فاحتضنته و جعلت رأسه إلى صدري، و انحنيت عليه، فوقعت الصخرة على مؤخر رأسي، فما كانت إلا كترويحة بمروحة، تروحت بها في حمارة القيظ، ثم جاءوا بصخرة أخرى، فيها قدر ثلاثمائة من، فأرسلوها علينا، و انحنيت على ثابت، فأصابت مؤخرا رأسي، فكانت كماء صب على رأسي و بدني في يوم شديد الحر، ثم جاءوا بصخرة ثالثة، فيها قدر خمسمائة من، يديرونها على الأرض، لا يمكنهم أن يقلوها، فأرسلوها علينا، فانحنيت على ثابت، فأصابت مؤخر رأسي و ظهري، فكانت كثوب ناعم صببته على بدني و لبسته. فتنعمت به.

فسمعتهم يقولون: لو أن لابن أبي طالب و ابن قيس مائة ألف روح، ما نجت منها واحدة من بلاء هذه الصخور ثم انصرفوا، فدفع الله عنا شرهم، فأذن الله عز و جل لشفير البئر فانحط، و لقرار البئر فارتفع، فاستوى القرار و الشفير بعد بالأرض، فخطونا و خرجنا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا أبا الحسن، إن الله عز و جل أوجب لك من الفضائل و الثواب ما لا يعرفه غيره، ينادي مناد يوم القيامة: أين محبو علي بن أبي طالب؟ فيقوم قوم من الصالحين، فيقال لهم: خذوا بأيدي من شئتم من عرصات القيامة، فأدخلوهم الجنة، و أقل رجل منهم ينجو بشفاعته من أهل تلك العرصات ألف ألف رجل.

ثم ينادي مناد، أين البقية من محبي علي بن أبي طالب؟ فيقوم قوم مقتصدون، فيقال لهم: تمنوا على الله تعالى ما شئتم، فيتمنون، فيفعل لكل واحد منهم ما تمناه، ثم يضعف له مائة ألف ضعف.

ثم ينادي مناد: أين البقية من محبي علي بن أبي طالب؟ فيقوم قوم ظالمون لأنفسهم، معتدون عليها، و يقال: أين المبغضون لعلي بن أبي طالب؟ فيؤتى بهم جم غفير، و عدد كثير، فيقال: ألا نجعل كل ألف من هؤلاء فداء لواحد من محبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) ليدخلوا الجنة؟ فينجي الله عز و جل محبيك، و يجعل أعداءهم فداءهم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): هذا الفضل الأكرم، محبه محب الله و محب رسوله، و مبغضه مبغض الله و مبغض رسوله، هم خيار خلق الله من أمة محمد.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): انظر فنظر إلى عبد الله بن أبي و إلى سبعة من اليهود، فقال: قد شاهدت، ختم الله على قلوبهم و أسماعهم و أبصارهم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أنت- يا علي- أفضل شهداء الله في الأرض بعد محمد رسول الله.

قال: فذلك قوله: { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَاوَةٌ } تبصرها الملائكة فيعرفونهم بها، و يبصرها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و يبصرها خير خلق الله بعده علي بن أبي طالب (عليه السلام).

ثم قال: { وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } في الآخرة بما كان من كفرهم بالله، و كفرهم بمحمد رسول الله (صلى الله عليه و آله) ".