الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } * { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } * { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } * { فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

507/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الله عز و جل ليهود المدينة: و اذكروا { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } و تضربون ببعضها هذا المقتول بين أظهركم ليقوم حيا سويا بإذن الله تعالى، و يخبركم بقاتله و ذلك حين ألقي القتيل بين أظهرهم.

فألزم موسى (عليه السلام) أهل القبيلة بأمر الله تعالى أن يحلف خمسون من أماثلهم بالله القوي الشديد إله بني إسرائيل، مفضل محمد و آله الطيبين على البرايا أجمعين: أنا ما قتلناه، و لا علمنا له قاتلا، فإن حلفوا بذلك غرموا دية المقتول، و إن نكلوا نصوا على القاتل، أو أقر القاتل فيقاد منه، فإن لم يفعلوا احبسوا في محبس ضنك إلى أن يحلفوا، أو يقروا، أو يشهدوا على القاتل.

فقالوا: يا نبي الله، أما وقت أيماننا أموالنا، و لا أموالنا أيماننا؟ قال: لا، هذا حكم الله.

و كان السبب أن امرأة حسناء ذات جمال، و خلق كامل، و فضل بارع، و نسب شريف، و ستر ثخين كثر خطابها، و كان لها بنو أعمام ثلاثة، فرضيت بأفضلهم علما، و أثخنهم سترا، و أرادت التزويج [به]، فاشتد حسد ابني عمه الآخرين له، و غبطاه عليها، لإيثارها من آثرته، فعمدا إلى ابن عمها المرضي فأخذاه إلى دعوتهما، ثم قتلاه و حملاه إلى محلة تشتمل على أكبر قبيلة من بني إسرائيل، فألقياه بين أظهرهم ليلا، فلما أصبحوا وجدوا القتيل هناك، فعرف حاله، فجاء ابنا عمه القاتلان، فمزقا ثيابهما على أنفسهما، و حثيا التراب على رؤوسهما، و استعديا عليهم، فأحضرهم موسى (عليه السلام) و سألهم، فأنكروا أن يكونوا قتلوه، أو علموا قاتله ".

قال: " فحكم الله على من فعل هذه الحادثة ما عرفتموه فالتزموه، فقالوا: يا موسى، أي نفع في أيماننا لنا، إذا لم تدرأ عنا الأيمان الغرامة الثقيلة؟ أم أي نفع لنا في غرامتنا إذا لم تدرأ عنا الأيمان؟ فقال موسى (عليه السلام): كل النفع في طاعة الله، و الائتمار لأمره، و الانتهاء عما نهى عنه.

فقالوا: يا نبي الله، غرم ثقيل و لا جناية لنا، و أيمان غليظة و لا حق في رقابنا، لو أن الله عز و جل عرفنا قاتله بعينه، و كفانا مؤونته، فادع لنا ربك يبين لنا هذا القاتل لتنزل به ما يستحق من العقاب، و ينكشف أمره لذوي الألباب.

فقال موسى (عليه السلام): إن الله عز و جل قد بين ما أحكم به في هذا، فليس لي أن اقترح عليه غير ما حكم، و لا أعترض عليه فيما أمر، ألا ترون أنه لما حرم العمل يوم السبت، و حرم لحم الجمل، لم يكن لنا أن نقترح عليه أن يغير ما حكم الله علينا من ذلك، بل علينا أن نسلم له حكمه، و نلتزم ما ألزمنا و هم أن يحكم عليهم بالذي كان يحكم به على غيرهم في مثل حادثتهم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8