325/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز و جل؟ قال: " الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه: فمنها كفر الجحود، و الجحود على وجهين، و الكفر بترك ما أمر الله، و كفر البراءة، و كفر النعم. فأما كفر الجحود، فهو الجحود بالربوبية، و هو قول من يقول: لا رب و لا جنة و لا نار، و هو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم: الدهرية، و هم الذين يقولون:{ وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } [الجاثية: 24] و هو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان على غير تثبت منهم، و لا تحقيق لشيء مما يقولون، قال الله عز و جل:{ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } [الجاثية: 24] إن ذلك كما يقولون، و قال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } يعني بتوحيد الله تعالى، فهذا أحد وجوه الكفر. و أما الوجه الآخر من الجحود على معرفة، و هو أن يجحد الجاحد و هو يعلم أنه حق، قد استقر عنده، و قد قال الله عز و جل:{ وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } [النمل: 14] و قال الله عز و جل:{ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [البقرة: 89] فهذا تفسير وجهي الجحود. و الوجه الثالث من الكفر كفر النعم، و ذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلام): هذا{ مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } [النمل: 40]، و قال عز و جل:{ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم: 7] و قال:{ فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } [البقرة: 152] و الوجه الرابع من الكفر ترك ما أمر الله عز و جل به، و هو قول الله عز و جل:{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } [البقرة: 84-85] فكفرهم بترك ما أمر الله عز و جل به، و نسبهم إلى الإيمان و لم يقبله منهم، و لم ينفعهم عنده، فقال:{ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [البقرة: 85] و الوجه الخامس من الكفر كفر البراءة، و ذلك قول الله عز و جل يحكي قول إبراهيم (عليه السلام):{ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ } [الممتحنة: 4] يعني تبرأنا منكم، و قال يذكر إبليس و تبرءه من أوليائه من الإنس يوم القيامة: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ [إبراهيم: 22] و قال:{ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [العنكبوت: 25] يعني يتبرأ بعضكم من بعض ".