الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

475/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الله عز و جل: و اذكروا، يا بني إسرائيل { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } عبدة العجل { يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ } أضررتم بها { بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ } الذي برأكم و صوركم { فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } بقتل بعضكم بعضا، يقتل من لم يعبد العجل من عبده { ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي ذلك القتل خير لكم { عِنْدَ بَارِئِكُمْ } من أن تعيشوا في الدنيا و هو لم يغفر لكم، فتتم في الحياة الدنيا حياتكم، و يكون إلى النار مصيركم، و إذا قتلتم و أنتم تائبون جعل الله عز و جل ذلك القتل كفارة لكم، و جعل الجنة منزلكم و منقلبكم.

قال الله عز و جل: { فَتَابَ عَلَيْكُمْ } قبل توبتكم، قبل استيفاء القتل لجماعتكم، و قبل إتيانه على كافتكم، و أمهلكم للتوبة، و استبقاكم للطاعة { إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } ".

قال: " و ذلك أن موسى (عليه السلام) لما أبطل الله تعالى على يديه أمر العجل، فأنطقه بالخبر عن تمويه السامري، و أمر موسى (عليه السلام) أن يقتل من لم يعبده من يعبده، تبرأ أكثرهم، و قالوا: لم نعبده. فقال الله عز و جل لموسى (عليه السلام): ابرد هذا العجل الذهب بالحديد بردا، ثم ذره في البحر، فمن شرب ماءه اسودت شفتاه و أنفه و بان ذنبه ففعل، فبان العابدون للعجل.

و أمر الله تعالى اثني عشر ألفا أن يخرجوا على الباقين شاهرين السيوف يقتلونهم، و نادى مناديه: ألا لعن الله أحدا أبقاهم بيد أو رجل، و لعن الله من تأمل المقتول لعله تبينه حميما أو قريبا فيتعداه إلى الأجنبي فاستسلم المقتولون. فقال القاتلون: نحن أعظم مصيبة منهم، نقتل بأيدينا آباءنا و أبناءنا و إخواننا و قراباتنا، و نحن لم نعبد، فقد ساوى بيننا و بينهم في المصيبة.

فأوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام): يا موسى، إني إنما امتحنتهم بذلك لأنهم ما اعتزلوهم لما عبدوا العجل، و لم يهجروهم، و لم يعادوهم على ذلك، قل لهم: من دعا الله بمحمد و آله الطيبين يسهل عليه قتل المستحقين للقتل بذنوبهم فقالوها، فسهل الله عليهم ذلك، و لم يجدوا لقتلهم لهم ألما.

فلما استحر القتل فيهم- و هم ستمائة ألف- إلا اثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل، وفق الله بعضهم، فقال لبعضهم- و القتل لم يفض بعد إليهم، فقال-: أو ليس قد جعل الله التوسل بمحمد و آله الطيبين أمرا لا تخيب معه طلبة، و لا ترد به مسألة؟ و هكذا توسلت الأنبياء و الرسل، فما لنا لا نتوسل؟! ".

السابقالتالي
2