الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

472/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الله: و اذكروا، يا بني إسرائيل { وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم } أنجينا أسلافكم { مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } و هم الذين كانوا يدنون إليه بقرابته و بدينه و مذهبه { يَسُومُونَكُمْ } يعذبونكم { سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } شدة العذاب، كانوا يحملونه عليكم ".

قال: " و كان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء و الطين، و يخاف أن يهربوا عن العمل، فأمر بتقييدهم، فكانوا ينقلون ذلك الطين على السلالم إلى السطوح فربما سقط الواحد منهم فمات أو زمن و لا يحفلون بهم، إلى أن أوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام): قل لهم: لا يبتدئون عملا إلا بالصلاة على محمد و آله الطيبين ليخف عليهم، فكانوا يفعلون ذلك فيخفف عليهم.

و أمر كل من سقط و زمن، ممن نسي الصلاة على محمد و آله، بأن يقولها على نفسه إن أمكنه - أي الصلاة على محمد و آله- أو يقال عليه إن لم يمكنه، فإنه يقوم و لا يضره ذلك، ففعلوها فسلموا.

{ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ } و ذلك لما قيل لفرعون: إنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك، و زوال ملكك فأمر بذبح أبنائهم، فكانت الواحدة منهن تصانع القوابل عن نفسها لئلا تنم عليها [و يتم] حملها، ثم تلقي ولدها في صحراء، أو غار جبل، أو مكان غامض، و تقول عليه عشر مرات الصلاة على محمد و آله، فيقيض الله له ملكا يربيه و يدر من إصبع له لبنا يمصه، و من إصبع طعاما لينا يتغذاه، إلى أن نشأ بنو إسرائيل، فكان من سلم منهم و نشأ أكثر ممن قتل.

{ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } يبقونهن و يتخذونهن إماء، فضجوا إلى موسى (عليه السلام)، و قالوا: يفترشون بناتنا و أخواتنا؟! فأمر الله البنات كلما رابهن ريب من ذلك صلين على محمد و آله الطيبين، فكان الله يرد عنهن أولئك الرجال، إما بشغل أو بمرض أو زمانة أو لطف من ألطافه، فلم تفترش منهن امرأة، بل دفع الله عز و جل عنهن بصلاتهن على محمد و آله الطيبين.

ثم قال عز و جل: { وَفِي ذَٰلِكُمْ } أي في ذلك الإنجاء الذي أنجاكم منه ربكم { بَلاۤءٌ } نعمة { مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } كبير.

قال الله عز و جل:يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ } [البقرة: 47] إذ كان البلاء يصرف عن أسلافكم و يخفف بالصلاة على محمد و آله الطيبين، أ فلا تعلمون أنكم إذا شاهدتموهم و آمنتم بهم كان النعمة عليكم أعظم و أفضل، و فضل الله لديكم أكثر و أجزل ".