الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

452/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال عز و جل لقوم من مردة اليهود و منافقيهم المحتجبين لأموال الفقراء، المستأكلين للأغنياء، الذين يأمرون بالخير و يتركونه، و ينهون عن الشر و يرتكبونه، قال: يا معاشر اليهود، { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ } بالصدقات و أداء الأمانات { وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ما به تأمرون { وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ } الْكِتابَ التوراة الآمرة بالخيرات و الناهية عن المنكرات، المخبرة عن عقاب المتمردين، و [عن] عظيم الشرف الذي يتطول الله به على الطائعين المجتهدين { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ما عليكم من عقاب الله عز و جل في أمركم بما به لا تأخذون، و في نهيكم عما أنتم فيه منهمكون.

و كان هؤلاء قوم من رؤساء اليهود و علمائهم احتجبوا أموال الصدقات و المبرات فأكلوها و اقتطعوها، ثم حضروا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قد حشروا عليه عوامهم، يقولون: إن محمدا تعدى طوره، و ادعى ما ليس له.

فجاءوا بأجمعهم إلى حضرته، و قد اعتقد عامتهم أن يقعوا برسول الله فيقتلوه، و لو أنه في جماهير أصحابه، لا يبالون بما آتاهم به الدهر، فلما حضروه و كثروا و كانوا بين يديه، قال لهم رؤساؤهم- و قد واطئوا عوامهم على أنهم إذا أفحموا محمدا وضعوا عليه سيوفهم، فقال رؤساؤهم-: يا محمد، جئت تزعم أنك رسول رب العالمين نظير موسى و سائر الأنبياء المتقدمين؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): " أما قولي: إني رسول الله فنعم، و أما أن أقول: إني أنا نظير موسى و سائر الأنبياء، فما أقول هذا، و ما كنت لأصغر ما عظمه الله تعالى من قدري، بل قال ربي: يا محمد، إن فضلك على جميع الأنبياء و المرسلين و الملائكة المقربين كفضلي- و أنا رب العزة- على سائر الخلق أجمعين و كذلك ما قال الله تعالى لموسى لما ظن أنه قد فضله على جميع العالمين. فغلظ ذلك على اليهود، و هموا بقتله، فذهبوا يسلون سيوفهم فما منهم أحد إلا وجد يديه إلى خلفه كالمكتوف، يابسا لا يقدر أن يحركهما و تحيروا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله)- و رأى ما بهم من الحيرة-: لا تجزعوا، فخير أراد الله بكم، منعكم من التوثب على وليه، و حبسكم على استماع حججه في نبوة محمد و وصية أخيه علي.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): معاشر اليهود، هؤلاء رؤساؤكم كافرون، و لأموالكم محتجبون، و لحقوقكم باخسون، و لكم- في قسمة من بعد ما اقتطعوه- ظالمون، يخفضون فيرفعون.

فقالت رؤساء اليهود: حدث عن موضع الحجة، أ حجة نبوتك و وصية علي أخيك هذا، دعواك الأباطيل و إغراؤك قومنا بنا؟.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا، و لكن الله عز و جل قد أذن لنبيه أن يدعو بالأموال التي تختانونها من هؤلاء الضعفاء و من يليهم فيحضرها ها هنا بين يديه، و كذلك يدعو حساباتكم "


السابقالتالي
2 3