قوله تعالى: { أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } - إلى قوله تعالى- { قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [259] 1436/ [1]- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " لما عملت بنو إسرائيل المعاصي و عتوا عن أمر ربهم، أراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم و يقتلهم، فأوحى الله تعالى إلى إرميا: يا إرميا، ما بلد انتجبته من بين البلدان، فغرست فيه من كرائم الشجر، فأخلف فأنبت خرنوبا؟ فأخبر إرميا أحبار بني إسرائيل، فقالوا له: راجع ربك، ليخبرنا ما معنى هذا المثل. فصام إرميا سبعا، فأوحى الله إليه: يا إرميا، أما البلد فبيت المقدس، و أما ما أنبت فيه فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها، فعملوا بالمعاصي، و غيروا ديني، و بدلوا نعمتي كفرا، فبي حلفت، لأمتحننهم بفتنة يظل الحليم فيها حيرانا، و لا سلطن عليهم شر عبادي ولادة، و شرهم طعاما، فيسلطن عليهم بالجبرية فيقتل مقاتليهم، و يسبي حريمهم، و يخرب ديارهم التي يغترون بها، و يلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة. فأخبر إرميا أحبار بني إسرائيل، فقالوا له: راجع ربك، فقل له: ما ذنب الفقراء و المساكين و الضعفاء؟ فصام إرميا سبعا، ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شيء، ثم صام سبعا، فأوحى الله إليه: يا إرميا، لتكفن عن هذا، أو لأردن وجهك إلى قفاك ". قال: " ثم أوحى الله تعالى إليه: قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه. فقال أرميا: رب، أعلمني من هو حتى آتيه، فآخذ لنفسي و أهل بيتي منه أمانا؟ قال: ائت موضع كذا و كذا، فانظر إلى غلام أشدهم زمانة، و أخبثهم ولادة، و أضعفهم جسما، و شرهم غذاء، فهو ذلك. فأتى إرميا ذلك البلد فإذا هو بغلام في خان، زمن، ملقى على مزبلة وسط الخان، و إذا له أم ترمي بالكسر، و تفت الكسر في القصعة، و تحلب عليه خنزيرة لها، ثم تدنيه من ذلك الغلام فيأكله. فقال إرميا: إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا. فدنا منه، فقال له: ما اسمك؟ قال: بخت نصر. فعرف أنه هو، فعالجه حتى برئ. ثم قال له: تعرفني؟ قال: لا، أنت رجل صالح. قال: أنا إرميا نبي بني إسرائيل، أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل فتقتل رجالهم، و تفعل بهم كذا و كذا- قال-: فتاه الغلام في نفسه في ذلك الوقت، ثم قال إرميا: اكتب لي كتابا بأمان منك.