الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ } * { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَٰفِرِينَ } * { وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

353/ [1]- قال العالم (عليه السلام): " فلما ضرب الله الأمثال للكافرين المجاهرين، الدافعين لنبوة محمد (صلى الله عليه و آله)، و الناصبين المنافقين لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، الدافعين لما قاله محمد (صلى الله عليه و آله) في أخيه علي (عليه السلام)، و الدافعين أن يكون ما قاله عن الله تعالى، و هي آيات محمد (صلى الله عليه و آله) و معجزاته لمحمد، مضافة إلى آياته التي بينها لعلي (عليه السلام) في مكة و المدينة، و لم يزدادوا إلا عتوا و طغيانا.

قال الله تعالى: { وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا } حتى تجحدوا أن يكون محمد رسول الله، و أن يكون هذا المنزل عليه كلامي، مع إظهاري عليه بمكة الآيات الباهرات، كالغمامة التي يتظلل بها في أسفاره، و الجمادات التي كانت تسلم عليه من الجبال، و الصخور، و الأحجار، و الأشجار، و كدفاعه قاصديه بالقتل عنه، و قتله إياهم، و كالشجرتين المتباعدتين اللتين تلاصقتا فقعد خلفهما لحاجته، ثم تراجعتا إلى مكانيهما كما كانتا، و كدعائه الشجرة فجاءته مجيبة خاضعة ذليلة، ثم أمره لها بالرجوع فرجعت سامعة مطيعة.

{ فَأْتُواْ } يا معشر قريش و اليهود، و يا معشر النواصب المنتحلين الإسلام، الذين هم منه برآء، و يا معشر العرب الفصحاء، البلغاء، ذوي الألسن { بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } من مثل محمد (صلى الله عليه و آله)، مثل رجل منكم لا يقرأ و لا يكتب، و لم يدرس كتابا، و لا اختلف إلى عالم، و لا تعلم من أحد، و أنتم تعرفونه في أسفاره و حضره، بقي كذلك أربعين سنة، ثم أوتي جوامع العلم حتى علم الأولين و الآخرين.

فإن كنتم في ريب من هذه الآيات، فأتوا من مثل هذا الرجل بمثل هذا الكلام، ليتبين أنه كاذب كما تزعمون، لأن كل ما كان من عند غير الله فسيوجد له نظير في سائر خلق الله.

و إن كنتم- معاشر قراء الكتب من اليهود و النصارى- في شك مما جاءكم به محمد (صلى الله عليه و آله) من شرائعه، و من نصبه أخاه سيد الوصيين وصيا، بعد أن قد أظهر لكم معجزاته، التي منها: أن كلمته الذراع المسمومة، و ناطقه ذئب، و حن إليه العود و هو على المنبر، و دفع الله عنه السم الذي دسته اليهود في طعامهم، و قلب عليهم البلاء و أهلكهم به، و كثر القليل من الطعام { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } يعني من مثل القرآن من التوراة، و الإنجيل، و الزبور، و صحف إبراهيم، و الكتب الأربعة عشر فإنكم لا تجدون في سائر كتب الله تعالى سورة كسورة من هذا القرآن، فكيف يكون كلام محمد (صلى الله عليه و آله) المتقول أفضل من سائر كلام الله و كتبه، يا معاشر اليهود و النصارى؟! ثم قال لجماعتهم: { وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ } ادعوا أصنامكم التي تعبدونها أيها المشركون، و ادعوا شياطينكم يا أيها النصارى و اليهود، و ادعوا قرناءكم من الملحدين يا منافقي المسلمين من النصاب لآل محمد (صلى الله عليه و آله) الطيبين، و سائر أعوانكم على إرادتكم { إِنْ كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ } أن محمدا (صلى الله عليه و آله) تقول هذا القرآن من تلقاء نفسه، لم ينزله الله عز و جل عليه، و أن ما ذكره من فضل علي (عليه السلام) على جميع أمته و قلده سياستهم ليس بأمر أحكم الحاكمين.

السابقالتالي
2 3 4 5