الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } - إلى قوله تعالى- { رَحْمَتَ ٱللَّهِ } [218]

[1]- (إعلام الورى)- في ذكر مغازي الرسول (صلى الله عليه و آله)- قال: ثم رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من العشيرة إلى المدينة، فلم يقم بها عشر ليال حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) في طلبه حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر، و هي غزوة بدر الأولى، و حامل لوائه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و استخلف على المدينة زيد بن حارثة، و فاته كرز فلم يدركه.

فرجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أقام جمادى و رجب و شعبان، و كان بعث بين ذلك سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط، فرجع و لم يلق كيدا، ثم بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) عبد الله بن جحش إلى نخلة و قال: " كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش " و لم يأمره بقتال، و ذلك في الشهر الحرام، و كتب له كتابا، و قال: " اخرج أنت و أصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك و انظر ما فيه، و امض لما أمرتك ".

فلما سار يومين و فتح الكتاب فإذا فيه: " أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش بما يصل إليك منهم ".

فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمعا و طاعة، من كان له رغبة في الشهادة فلينطلق معي. فمضى معه القوم حتى نزلوا النخلة، فمر بهم عمرو بن الحضرمي، و الحكم بن كيسان، و عثمان و المغيرة ابنا عبد الله، معهم تجارة قدموا بها من الطائف أدم و زبيب، فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله، و كان قد حلق رأسه، فقالوا: عمار ليس عليكم منهم بأس. و ائتمر أصحاب رسول الله، و هو آخر يوم من رجب، فقالوا: لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، و لئن تركتموهم ليدخلن هذه الليلة مكة فليمنعن منكم، فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، و استأمن عثمان بن عبد الله و الحكم بن كيسان، و هرب المغيرة فأعجزهم، و استاقوا العير، فقدموا بها على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال لهم: " و الله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام " و أوقف الأسيرين، و العير و لم يأخذ منها شيئا، و أسقط في أيدي القوم، و ظنوا أنهم قد هلكوا، و قالت قريش: استحل محمد الشهر الحرام فأنزل الله سبحانه:يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ } الآية [البقرة: 217]، فلما نزل ذلك أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) المال و فداء الأسيرين، و قال المسلمون: نطمع لنا أن يكون غزاة، فأنزل الله فيهم: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } إلى قوله: { أُوْلـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ } و كانت هذه قبل بدر بشهرين.