الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

[1]- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام):- في حديث طويل- قال: " { فَإِن زَلَلْتُمْ } عن السلم و الإسلام الذي تمامه باعتقاد ولاية علي (عليه السلام)، و لا ينفع الإقرار بالنبوة مع جحد إمامة علي (عليه السلام)، كما لا ينفع الإقرار بالتوحيد مع جحد النبوة، إن زللتم { مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } من قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) و فضيلته، و أتتكم الدلالات الواضحات الباهرات على أن محمدا (صلى الله عليه و آله) الدال على إمامة علي (عليه السلام) نبي صدق، و دينه دين حق { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } قادر على معاقبة المخالفين لدينه و المكذبين لنبيه، لا يقدر أحد على صرف انتقامه من مخالفيه، و قادر على إثابة الموافقين لدينه و المصدقين لنبيه (صلى الله عليه و آله) لا يقدر أحد على صرف ثوابه عن مطيعيه، حكيم فيما يفعل من ذلك، غير مسرف على من أطاعه و إن أكثر له الخيرات، و لا واضع لها في غير موضعها و إن أتم له الكرامات، و لا ظالم لمن عصاه و إن شدد عليه العقوبات.

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): و بهذه الآية و غيرها احتج علي (عليه السلام) يوم الشورى على من دافعه عن حقه، و أخره عن رتبته، و إن كان ما ضر الدافع إلا نفسه، فإن عليا (عليه السلام) كالكعبة التي أمر الله باستقبالها للصلاة، جعله الله ليؤتم به في امور الدين و الدنيا، كما لا ينقص الكعبة، و لا يقدح في شيء من شرفها و فضلها أن ولى عنها الكافرون، فكذلك لا يقدح في علي (عليه السلام) أن أخره عن حقه المقصرون، و دافعه عن واجبه الظالمون.

قال لهم علي (عليه السلام) يوم الشورى في بعض مقاله بعد أن أعذر و أنذر، و بالغ و أوضح: معاشر الأولياء العقلاء، ألم ينه الله تعالى عن أن تجعلوا له أندادا ممن لا يعقل و لا يسمع و لا يبصر و لا يفهم؟ أو لم يجعلني رسول الله (صلى الله عليه و آله) لدينكم و دنياكم قواما؟ أو لم يجعل إلي مفزعكم؟ أو لم يقل لكم: علي مع الحق و الحق معه؟ أو لم يقل: أنا مدينة العلم و علي بابها؟ أ و لا تروني غنيا عن علومكم و أنتم إلى علمي محتاجون؟ أ فأمر الله تعالى العلماء باتباع من لا يعلم، أم من لا يعلم باتباع من يعلم؟

يا أيها الناس، لم تنقضون ترتيب الألباب، لم تؤخرون من قدمه الكريم الوهاب؟ أو ليس رسول الله (صلى الله عليه و آله) أجابني إلى ما رد عنه أفضلكم فاطمة لما خطبها؟ أ و ليس قد جعلني أحب خلق الله إلى الله لما أطعمني معه من الطائر؟ أ و ليس جعلني أقرب الخلق شبها بمحمد نبيه (صلى الله عليه و آله)؟ أ فأقرب الناس به شبها تؤخرون، و أبعد الناس به شبها تقدمون، ما لكم لا تتفكرون و لا تعقلون "؟! قال: " فما زال يحتج بهذا و نحوه عليهم و هم لا يغفلون عما دبروه، و لا يرضون إلا بما آثروه "!