الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآ أُوْلَـٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلاَّ خَآئِفِينَ لَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

584/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): قال الحسن بن علي (عليهما السلام): لما بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) بمكة و أظهر بها دعوته، و نشر بها كلمته، و عاب أديانهم في عبادتهم الأصنام، و أخذوه و أساءوا معاشرته، و سعوا في خراب المساجد المبنية، كانت لقوم من خيار أصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) و شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كان بفناء الكعبة مساجد يحيون فيها ما أماته المبطلون، فسعى هؤلاء المشركون في خرابها، و أذى محمد (صلى الله عليه و آله) و سائر أصحابه، و ألجؤوه إلى الخروج من مكة نحو المدينة، التفت خلفه إليها، فقال: الله يعلم أني أحبك، و لولا أن أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلدا، و لا ابتغيت عنك بدلا، و إني لمغتم على مفارقتك.

فأوحى الله تعالى إليه: يا محمد، إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، و يقول: سأردك إلى هذا البلد ظافرا غانما سالما قادرا قاهرا، و ذلك قوله تعالى:إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } [القصص: 85] يعني إلى مكة ظافرا غانما، و أخبر بذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) أصحابه، فاتصل بأهل مكة، فسخروا منه.

فقال الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه و آله): سوف أظفرك بمكة، و أجري عليهم حكمي، و سوف أمنع من دخولها المشركين حتى لا يدخلها أحد منهم إلا خائفا، أو دخلها مستخفيا من أنه إن عثر عليه قتل.

فلما حتم قضاء الله بفتح مكة و استوسقت له، أمر عليهم عتاب بن أسيد، فلما اتصل بهم خبره، قالوا:

إن محمدا لا يزال يستخف بنا حتى ولى علينا غلاما حدث السن ابن ثماني عشرة سنة، و نحن مشايخ ذوو الأسنان، و خدام بيت الله الحرام، و جيران حرمه الآمن، و خير بقعة له على وجه الأرض.

و كتب رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعتاب بن أسيد عهدا على [أهل] مكة، و كتب في أوله: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى جيران بيت الله، و سكان حرم الله. أما بعد " و ذكر العهد و قرأه عتاب بن أسيد على أهل مكة.

ثم قال الإمام (عليه السلام) بعد ذلك: " ثم بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعشر آيات من سورة براءة مع أبي بكر بن أبي قحافة، و فيها ذكر نبذ العهود إلى الكافرين، و تحريم قرب مكة على المشركين، و أمر أبا بكر على الحج، ليحج بمن ضمه الموسم، و يقرأ الآيات عليهم، فلما صدر عنه أبو بكر جاءه المطوق بالنور جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، و يقول: يا محمد، إنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فابعث عليا ليتناول الآيات، فيكون هو الذي ينبذ العهود و يقرأ الآيات.

السابقالتالي
2