الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ لَيْسَتِ ٱلنَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ ٱلنَّصَارَىٰ لَيْسَتِ ٱلْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ ٱلْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

583/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال الله عز و جل: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ لَيْسَتِ ٱلنَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ } من الدين، بل دينهم باطل و كفر { وَقَالَتِ ٱلنَّصَارَىٰ لَيْسَتِ ٱلْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ } من الدين، بل دينهم باطل و كفر { وَهُمْ } اليهود { يَتْلُونَ ٱلْكِتَابَ } التوراة ".

فقال: " هؤلاء و هؤلاء مقلدون بلا حجة، و هم يتلون الكتاب فلا يتأملونه، ليعملوا بما يوجبه فيتخلصوا من الضلالة، ثم قال: { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } الحق، و لم ينظروا فيه من حيث أمرهم الله، فقال بعضهم لبعض و هم مختلفون، كقول اليهود و النصارى بعضهم لبعض، هؤلاء يكفر هؤلاء، و هؤلاء يكفر هؤلاء.

ثم قال الله تعالى: { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } في الدنيا يبين ضلالتهم و فسقهم، و يجازي كل واحد منهم بقدر استحقاقه.

و قال الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): إنما أنزلت الآية لأن قوما من اليهود، و قوما من النصارى جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا: يا محمد، اقض بيننا. فقال (صلى الله عليه و آله): قصوا علي قصتكم.

فقالت اليهود: نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم و أوليائه، و ليست النصارى على شيء من الدين و الحق.

و قالت النصارى: بل نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم و أوليائه، و ليست اليهود على شيء من الدين و الحق.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): كلكم مخطئون مبطلون، فاسقون عن دين الله و أمره.

فقالت اليهود: كيف نكون كافرين و فينا كتاب الله التوراة نقرؤه؟

و قالت النصارى: كيف نكون كافرين و لنا كتاب الله الإنجيل نقرؤه؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنكم خالفتم- أيها اليهود و النصارى- كتاب الله و لم تعملوا به، فلو كنتم عاملين بالكتابين لما كفر بعضكم بعضا بغير حجة، لأن كتب الله أنزلها شفاء من العمى، و بيانا من الضلالة، يهدي العاملين بها إلى صراط مستقيم، و كتاب الله إذا لم تعملوا به كان وبالا عليكم، و حجة الله إذا لم تنقادوا لها كنتم لله عاصين، و لسخطه متعرضين.

ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على اليهود، فقال: احذروا أن ينالكم بخلاف أمر الله و بخلاف كتابه ما أصاب أوائلكم الذين قال الله فيهم:فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ } [البقرة: 59] و أمروا بأن يقولوه.

قال الله تعالى:فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [البقرة: 59] عذابا من السماء، طاعونا نزل بهم فمات منهم مائة و عشرون ألفا، ثم أخذهم بعد ذلك فمات منهم مائة و عشرون ألفا أيضا، و كان خلافهم أنهم لما بلغوا الباب رأوا بابا مرتفعا، فقالوا: ما بالنا نحتاج إلى أن نركع عند الدخول هاهنا، ظننا أنه باب منحط لا بد من الركوع فيه، و هذا باب مرتفع، إلى متى يسخر بنا هؤلاء؟- يعنون موسى و يوشع بن نون- و يسجدوننا في الأباطيل، و جعلوا أستاههم نحو الباب، و قالوا بدل قولهم: حطة، الذي أمروا به: هطا سمقانا- يعنون حنطة حمراء- فذلك تبديلهم.

السابقالتالي
2