الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

582/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وَ قالُوا يعني اليهود و النصارى، قالت اليهود: { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً } ، و قوله: أَوْ نَصارى يعني و قالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و قد قال غيرهم، قالت الدهرية: الأشياء لا بدء لها، و هي دائمة، و من خالفنا في هذا فهو ضال مخطئ مضل. و قالت الثنوية: النور و الظلمة هما المدبران، و من خالفنا في هذا فقد ضل. و قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة، من خالفنا في هذا ضل. فقال الله تعالى: { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } التي يتمنونها { قُلْ } لهم: { هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } على مقالتكم { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }.

و قال الصادق (عليه السلام)، و قد ذكر عنده الجدال في الدين، و أن رسول الله و الأئمة (صلوات الله عليهم) قد نهوا عنه، فقال الصادق (عليه السلام): لم ينه عنه مطلقا، لكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله عز و جل يقول:وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [العنكبوت: 46] و قوله تعالى:ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [النحل: 125].

فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، و الجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله تعالى على شيعتنا، و كيف يحرم الله الجدال جملة، و هو يقول: { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } و قال الله تعالى: { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }؟ فجعل الله علم الصدق و الإيمان بالبرهان، [و هل يؤتى بالبرهان] إلا في الجدال بالتي هي أحسن.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لأصحابه: قولوا:إِيَّاكَ نَعْبُدُ } [الفاتحة: 5] أي نعبد واحدا، لا نقول كما قالت الدهرية:

إن الأشياء لا بدء لها و هي دائمة، و لا كما قالت الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبران، و لا كما قال مشركو العرب: إن أوثاننا آلهة، فلا نشرك بك شيئا، و لا ندعو من دونك إلها، كما يقول هؤلاء الكفار، و لا نقول كما قالت اليهود و النصارى: إن لك ولدا، تعاليت عن ذلك [علوا كبيرا] ".

قال: " فذلك قوله: { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } و قال غيرهم من هؤلاء الكفار ما قالوا، قال الله تعالى: يا محمد { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } التي يتمنونها بلا حجة { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } حجتكم على دعواكم { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } كما أتى محمد ببراهينه التي سمعتموها.

ثم قال: { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ } يعني كما فعل هؤلاء الذين آمنوا برسول الله (صلى الله عليه و آله) لما سمعوا براهينه و حججه { وَهُوَ مُحْسِنٌ } في عمله لله { فَلَهُ أَجْرُهُ } ثوابه { عِندَ رَبِّهِ } يوم فصل القضاء { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } حين يخاف الكافرون مما يشاهدونه من العذاب { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } عند الموت، لأن البشارة بالجنان تأتيهم ".

السابقالتالي
2