الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }

579/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام): { أَمْ تُرِيدُونَ } بل تريدون، يا كفار قريش و اليهود { أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } ما تقترحونه من الآيات التي لا تعلمون هل فيها صلاحكم أو فسادكم { كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } و اقترح عليه، لما قيل له:لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ } [البقرة: 55].

{ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ } بعد جواب الرسول له: أن ما سأله لا يصلح اقتراحه على الله، أو بعد ما يظهر الله تعالى له ما اقترح، إن كان صوابا.

{ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ } بأن لا يؤمن عند مشاهدة ما يقترح من الآيات، أو لا يؤمن إذا عرف أنه ليس له أن يقترح، و أنه يجب أن يكتفي بما قد أقامه الله تعالى من الدلالات، و أوضحه من الآيات البينات، فيتبدل الكفر بالإيمان بأن يعاند و لا يلتزم الحجة القائمة عليه { فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أخطأ قصد الطريق المؤدية إلى الجنان، و أخذ في الطريق المؤدية إلى النيران ".

قال (عليه السلام): " قال الله عز و جل لليهود: يا أيها اليهود { أَمْ تُرِيدُونَ } بل تريدون من بعد ما آتيناكم { } { أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } و ذلك أن النبي (صلى الله عليه و آله) قصده عشرة من اليهود يريدون أن يتعنتوه، و يسألوه عن أشياء يريدون أن يعانتوه بها، فبينا هم كذلك إذ جاء أعرابي كأنه يدفع في قفاه، قد علق على عصا- على عاتقه- جرابا مشدود الرأس، فيه شيء قد ملأه، لا يدرون ما هو، فقال: يا محمد، أجبني عما أسألك.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، قد سبقك اليهود ليسألوا، أ فتأذن لهم حتى أبدأ بهم؟ فقال الأعرابي: لا، فإني غريب مجتاز.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فأنت إذن أحق منهم لغربتك و اجتيازك. فقال الأعرابي: و لفظة أخرى.

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما هي؟ قال: إن هؤلاء أهل كتاب، يدعونه بزعمهم حقا، و لست آمن أن تقول شيئا يواطئونك عليه و يصدقونك، ليفتن الناس عن دينهم، و أنا لا أقنع بمثل هذا، لا أقنع إلا بأمر بين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أين علي بن أبي طالب؟ فدعي بعلي فجاء حتى قرب من رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال الأعرابي: يا محمد، و ما تصنع بهذا في محاورتي إياك؟

قال: يا أعرابي، سألت البيان، و هذا البيان الشافي، و صاحب العلم الكافي، أنا مدينة الحكمة و هذا بابها، فمن أراد الحكمة و العلم فليأت الباب.

السابقالتالي
2 3