الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }

573/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام): إن الله تعالى ذم اليهود [و النصارى] و المشركين و النواصب فقال: { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } اليهود و النصارى { وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ } و لا من المشركين الذين هم نواصب، يغتاظون لذكر الله و ذكر محمد و فضائل علي (عليهما السلام)، و إبانته عن شريف فضله و محله { أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ } لا يودون أن ينزل عليكم { مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ } من الآيات الزائدات في شرف محمد و علي و آلهما الطيبين (عليهم السلام)، و لا يودون أن ينزل دليل معجز من السماء يبين عن محمد و علي و آلهما.

فهم لأجل ذلك يمنعون أهل دينهم من أن يحاجوك، مخافة أن تبهرهم حجتك، و تفحمهم معجزتك، فيؤمن بك عوامهم، أو يضطربون على رؤسائهم، فلذلك يصدون من يريد لقاءك- يا محمد- ليعرف أمرك، بأنه لطيف خلاق ساحر اللسان، لا تراه و لا يراك خير لك، و أسلم لدينك و دنياك، فهم بمثل هذا يصدون العوام عنك.

ثم قال الله عز و جل: { مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ } و توفيقه لدين الإسلام، و موالاة محمد و علي (عليهما السلام) { مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } على من يوفقه لدينه، و يهديه لموالاتك و موالاة علي بن أبي طالب (عليه السلام) ".

قال: " فلما قرعهم بهذا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، حضره منهم جماعة فعاندوه، و قالوا: يا محمد، إنك تدعي على قلوبنا خلاف ما فيها، ما نكره أن تنزل عليك حجة تلزم الانقياد لها فننقاد. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لئن عاندتم ها هنا محمدا، فستعاندون رب العالمين إذا أنطق صحائفكم بأعمالكم، و تقولون: ظلمتنا الحفظة، فكتبوا علينا ما لم نفعل، فعند ذلك يستشهد جوارحكم، فتشهد عليكم.

فقالوا: لا تبعد شاهدك، فإنه فعل الكذابين، بيننا و بين القيامة بعد، أرنا في أنفسنا ما تدعي لنعلم صدقك، و لن تفعله لأنك من الكذابين.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): استشهد جوارحهم. فاستشهدها علي (عليه السلام) فشهدت كلها عليهم أنهم لا يودون أن ينزل على أمة محمد، على لسان محمد خير من عند ربكم آية بينة، و حجة معجزة لنبوته، و إمامة أخيه علي (عليه السلام)، مخافة أن تبهرهم حجته، و يؤمن به عوامهم، و يضطرب عليهم كثير منهم.

فقالوا: يا محمد، لسنا نسمع هذه الشهادة التي تدعي أن جوارحنا تشهد بها.

فقال: يا علي، هؤلاء من الذين قال الله:إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ }

السابقالتالي
2