الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا وَٱسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

572/ [1]- قال الإمام العسكري (عليه السلام): " قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما قدم المدينة كثر حوله المهاجرون و الأنصار، و كثرت عليه المسائل، و كانوا يخاطبونه بالخطاب الشريف العظيم الذي يليق به، و ذلك أن الله تعالى كان قال لهم:يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } [الحجرات: 2].

و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهم رحيما، و عليهم عطوفا، و في إزالة الآثام عنهم مجتهدا، حتى أنه كان ينظر إلى كل من كان يخاطبه فيعمد على أن يكون صوته (صلى الله عليه و آله) مرتفعا على صوته، ليزيل عنه ما توعده الله به من إحباط أعماله، حتى أن رجلا أعرابيا ناداه يوما و هو خلف حائط بصوت له جهوري: يا محمد، فأجابه بأرفع من صوته، يريد أن لا يأثم الأعرابي بارتفاع صوته.

فقال له الأعرابي: أخبرني عن التوبة إلى متى تقبل؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أخا العرب، إن بابها مفتوح لابن آدم، لا ينسد حتى تطلع الشمس من مغربها و ذلك قوله عز و جل:هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً } [الأنعام: 158].

و قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): و كانت هذه اللفظة راعِنا من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسول الله (صلى الله عليه و آله)، يقولون: راعنا، أي ارع أحوالنا، و اسمع منا كما نسمع منك، و كان في لغة اليهود معناها:

اسمع، لا سمعت.

فلما سمع اليهود المسلمين يخاطبون بها رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقولون: راعنا، و يخاطبون بها، قالوا:

كنا نشتم محمدا إلى الآن سرا، فتعالوا الآن نشتمه جهرا، و كانوا يخاطبون رسول الله (صلى الله عليه و آله) و يقولون: راعنا، يريدون شتمه.

ففطن لهم سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: يا أعداء الله، عليكم لعنة الله، أراكم تريدون سب رسول الله (صلى الله عليه و آله)، توهمونا أنكم تجرون في مخاطبته مجرانا، و الله، لا أسمعها من أحد منكم إلا ضربت عنقه، و لولا أني أكره أن أقدم عليكم قبل التقدم و الاستئذان له و لأخيه و وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، القيم بأمور الأمة نائبا عنه فيها، لضربت عنق من قد سمعته منكم يقول هذا.

السابقالتالي
2