569/ [2]- قال الإمام العسكري (عليه السلام) في (تفسيره): " قال الصادق (عليه السلام): { وَٱتَّبَعُواْ } هؤلاء اليهود و النواصب { مَا تَتْلُواْ } ما تقرأ { ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } و زعموا أن سليمان بذلك السحر و التدبير و النيرنجات " ، نال ما ناله من الملك العظيم، فصدوهم به عن كتاب الله. و ذلك أن اليهود الملحدين و النواصب المشاركين لهم في إلحادهم لما سمعوا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و شاهدوا منه و من علي (عليهما السلام) المعجزات التي أظهرها الله تعالى لهم على أيديهما، أفضى بعض اليهود و النصاب إلى بعض، و قالوا: ما محمد إلا طالب الدنيا بحيل و مخاريق و سحر و نيرنجات تعلمها، و علم عليا بعضها، فهو يريد أن يتملك علينا في حياته، و يعقد الملك لعلي بعده، و ليس ما يقوله عن الله بشيء، إنما هو قوله، فيعقد علينا و على ضعفاء عباد الله بالسحر و النيرنجات التي يستعملها. و أوفر الناس كان حظا من هذا السحر سليمان بن داود، الذي ملك بسحره الدنيا كلها من الجن و الإنس و الشياطين، و نحن إذا تعلمنا بعض ما كان تعلمه سليمان بن داود، تمكنا من إظهار مثل ما يظهره محمد و علي، و ادعينا لأنفسنا بما يجعله محمد لعلي، و قد استغنينا عن الانقياد لعلي. فحينئذ ذم الله تعالى الجميع من اليهود و النواصب، فقال الله عز و جل:{ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } [سورة البقرة: 101] فلم يعملوا به { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ } كفرة { ٱلشَّيَـٰطِينُ } من السحر و النيرنجات { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } الذين يزعمون أن سليمان به ملك، و نحن أيضا به نظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس، و نستغني عن الانقياد لعلي. قالوا: و كان سليمان كافرا ساحرا ماهرا، بسحره ملك ما ملك، و قدر على ما قدر، فرد الله تعالى عليهم، و قال: { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ } و لا استعمل السحر، كما قال هؤلاء الكافرون { وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ } أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان كفروا. ثم قال عز و جل: { وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ } قال: كفر الشياطين بتعليمهم الناس السحر، و بتعليمهم إياهم بما أنزل على الملكين ببابل هاروت و ماروت، اسم الملكين. قال الصادق (عليه السلام): و كان بعد نوح (عليه السلام) قد كثر السحرة و المموهون، فبعث الله تعالى ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة، و ذكر ما يبطل به سحرهم، و يرد به كيدهم، فتلقاه النبي عن الملكين، و أداه إلى عباد الله بأمر الله، و أمرهم أن يقفوا به على السحر و أن يبطلوه، و نهاهم أن يسحروا به الناس، و هذا كما يدل على السم ما هو، و على ما يدفع به غائلة السم، ثم يقال لمتعلم ذلك: هذا السم فمن رأيته سم فادفع غائلته بكذا، و إياك أن تقتل بالسم أحدا.