الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وٱتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

569/ [2]- قال الإمام العسكري (عليه السلام) في (تفسيره): " قال الصادق (عليه السلام): { وَٱتَّبَعُواْ } هؤلاء اليهود و النواصب { مَا تَتْلُواْ } ما تقرأ { ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } و زعموا أن سليمان بذلك السحر و التدبير و النيرنجات " ، نال ما ناله من الملك العظيم، فصدوهم به عن كتاب الله.

و ذلك أن اليهود الملحدين و النواصب المشاركين لهم في إلحادهم لما سمعوا من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و شاهدوا منه و من علي (عليهما السلام) المعجزات التي أظهرها الله تعالى لهم على أيديهما، أفضى بعض اليهود و النصاب إلى بعض، و قالوا: ما محمد إلا طالب الدنيا بحيل و مخاريق و سحر و نيرنجات تعلمها، و علم عليا بعضها، فهو يريد أن يتملك علينا في حياته، و يعقد الملك لعلي بعده، و ليس ما يقوله عن الله بشيء، إنما هو قوله، فيعقد علينا و على ضعفاء عباد الله بالسحر و النيرنجات التي يستعملها.

و أوفر الناس كان حظا من هذا السحر سليمان بن داود، الذي ملك بسحره الدنيا كلها من الجن و الإنس و الشياطين، و نحن إذا تعلمنا بعض ما كان تعلمه سليمان بن داود، تمكنا من إظهار مثل ما يظهره محمد و علي، و ادعينا لأنفسنا بما يجعله محمد لعلي، و قد استغنينا عن الانقياد لعلي.

فحينئذ ذم الله تعالى الجميع من اليهود و النواصب، فقال الله عز و جل:نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } [سورة البقرة: 101] فلم يعملوا به { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ } كفرة { ٱلشَّيَـٰطِينُ } من السحر و النيرنجات { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } الذين يزعمون أن سليمان به ملك، و نحن أيضا به نظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس، و نستغني عن الانقياد لعلي.

قالوا: و كان سليمان كافرا ساحرا ماهرا، بسحره ملك ما ملك، و قدر على ما قدر، فرد الله تعالى عليهم، و قال: { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ } و لا استعمل السحر، كما قال هؤلاء الكافرون { وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ } أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان كفروا.

ثم قال عز و جل: { وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ } قال: كفر الشياطين بتعليمهم الناس السحر، و بتعليمهم إياهم بما أنزل على الملكين ببابل هاروت و ماروت، اسم الملكين.

قال الصادق (عليه السلام): و كان بعد نوح (عليه السلام) قد كثر السحرة و المموهون، فبعث الله تعالى ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة، و ذكر ما يبطل به سحرهم، و يرد به كيدهم، فتلقاه النبي عن الملكين، و أداه إلى عباد الله بأمر الله، و أمرهم أن يقفوا به على السحر و أن يبطلوه، و نهاهم أن يسحروا به الناس، و هذا كما يدل على السم ما هو، و على ما يدفع به غائلة السم، ثم يقال لمتعلم ذلك: هذا السم فمن رأيته سم فادفع غائلته بكذا، و إياك أن تقتل بالسم أحدا.

السابقالتالي
2 3 4 5