قوله تعالى: { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ } - إلى قوله تعالى - { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } [17- 18] 5512/ [6]- و قال علي بن إبراهيم: قوله: { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } يقول: الكبير على قدر كبره، و الصغير على قدر صغره: { فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ }. ثم قال: قول الله: { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } يقول: أنزل الحق من السماء فاحتملته القلوب بأهوائها، ذو اليقين على قدر يقينه، و ذو الشك على قدر شكه، فاحتمل الهوى باطلا كثيرا و جفاء، فالماء هو الحق، و الأودية هي القلوب، و السيل هو الهوى، و الزبد هو الباطل، و الحلية و المتاع هو الحق، قال الله: { كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ } فالزبد و خبث الحديد هو الباطل، و المتاع و الحلية هو الحق، من أصاب الزبد و خبث الحديد في الدنيا لم ينتفع به، و كذلك صاحب الباطل يوم القيامة لا ينتفع به، و أما المتاع و الحلية فهو الحق، من أصاب الحلية و المتاع في الدنيا انتفع به، و كذلك صاحب الحق يوم القيامة ينتفع به، { كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ }. 5513/ [2]- ثم قال أيضا: قوله: { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً } أي مرتفعا، { وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ } يعني ما يخرج من الماء من الجواهر و هو مثل، أي يثبت الحق في قلوب المؤمنين، و في قلوب الكفار لا يثبت { كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً } يعني يبطل { وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ } وهذا مثل للمؤمنين و المشركين، و قال الله عز و جل: { كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ * لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } فالمؤمن إذا سمع الحديث ثبت في قلبه و أجابه و آمن به، فهو مثل الماء الذي يبقى في الأرض فينبت النبات، و الذي لا ينتفع به يكون مثل الزبد الذي تضربه الرياح فيبطل. 5514/ [3]- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، في حديث يذكره في أحوال الكفار: " و ضرب مثلهم بقوله: { فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ } فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن، فهو يضمحل و يبطل و يتلاشى عند التحصيل، و الذي ينفع الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و القلوب تقبله، و الأرض في هذا الموضع هي محل العلم و قراره ". 5515/ [4]- و قال الطبرسي في معنى سوء الحساب، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " هو أن لا يقبل منهم حسنة، و لا يغفر لهم سيئة ". 5516/ [1]- علي بن إبراهيم، في قوله: { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } قال: يمتهدون في النار.