الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } * { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } * { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }

- الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا محمد بن محمد- يعني المفيد- قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن العباس، قال: لما أنزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله): { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } ، قال له علي بن أبي طالب (عليه السلام):

" ما هو الكوثر يا رسول الله؟ ". قال: " نهر أكرمني الله به ".

قال علي (عليه السلام): " إن هذا النهر شريف، فانعته لنا يا رسول الله "؟ قال: " نعم يا علي، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله تعالى، ماؤه أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل و ألين من الزبد، حصاه الزبرجد و الياقوت و المرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الأذفر، قواعده تحت عرش الله عز و جل ". ثم ضرب رسول الله (صلى الله عليه و آله) يده على جنب أمير المؤمنين (عليه السلام) و قال: " يا علي، إن هذا النهر لي، و لك، و لمحبيك من بعدي ".

و رواه المفيد في (أماليه) قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين البغدادي، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثني أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن العباس، قال: لما نزل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } قال له علي بن أبي طالب (عليه السلام): " ما هو الكوثر يا رسول الله ". و ذكر الحديث بعينه.

- و عنه، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، قال:

حدثني أبي، عن سعيد بن عبد الله بن موسى، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي، قال: حدثنا المعلى بن هلال، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن عبد الله بن العباس، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: " أعطاني الله تعالى خمسا و أعطى عليا خمسا، أعطاني جوامع الكلم، و أعطى عليا جوامع العلم، و جعلني نبيا، و جعله وصيا، و أعطاني الكوثر، و أعطاه السلسبيل، و أعطاني الوحى، و أعطاه الإلهام، و أسرى بي إليه، و فتح له أبواب السماء و الحجب حتى نظر إلي و نظرت إليه ".

قال: ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقلت له: ما يبكيك فداك أبي و أمي؟ قال: " يا بن عباس، إن أول ما كلمني به أن قال: يا محمد، انظر تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، و إلى أبواب السماء قد فتحت، و نظرت إلى علي و هو رافع رأسه إلي، فكلمني و كلمته، و كلمني ربي عز و جل ".

فقلت: يا رسول الله بم كلمك ربك؟ قال: " قال لي: يا محمد، إني جعلت عليا وصيك و وزيرك و خليفتك من بعدك، فأعلمه، فها هو يسمع كلامك. فأعلمته و أنا بين يدي ربي عز و جل، فقال لي: قد قبلت و أطعت. فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه، ففعلت، فرد عليهم السلام، و رأيت الملائكة يتباشرون به، و ما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنئوني و قالوا: يا محمد، و الذي بعثك بالحق نبيا، لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عز و جل لك ابن عمك، و رأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض، فقلت: يا جبرئيل لم نكس حملة العرش رؤوسهم؟ فقال: يا محمد، ما من ملك من الملائكة إلا و قد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به، ما خلا حملة العرش فإنهم استأذنوا الله عز و جل الساعة، فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب، فنظروا إليه، فلما هبطت جعلت أخبره بذلك و هو يخبرني به، فعلمت أني لم أطأ موطئا إلا و قد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه ".

قال ابن عباس: فقلت: يا رسول الله، أوصني. فقال: " عليك بمودة علي بن أبي طالب، و الذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب، و هو تعالى أعلم، فإن جاء بولايته، قبل عمله على ما كان منه، و إن لم يأت بولايته لم يسأله عن شيء، ثم أمر به إلى النار.

يا بن عباس، و الذي بعثني بالحق نبيا، إن النار لأشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا.

يا بن عباس، لو أن الملائكة المقربين و الأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغض علي، و لن يفعلوا، لعذبهم الله بالنار ".

قلت: يا رسول الله، و هل يبغضه أحد؟ قال: " يا بن عباس نعم، يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي، لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيبا. يا بن عباس، إن من علامة بغضهم له تفضيلهم من هو دونه عليه. و الذي بعثني بالحق نبيا، ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني، و لا وصيا أكرم عليه من وصيي ".

قال ابن عباس: فلم أزل له كما أمرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و وصاني بمودته، و إنه لأكبر عملي عندي. قال ابن عباس: ثم مضى من الزمان ما مضى، و حضرت رسول الله (صلى الله عليه و آله) الوفاة، حضرته فقلت له: فداك أبي و امي يا رسول الله، قد دنا أجلك، فما تأمرني؟ فقال: " يا بن عباس، خالف من خالف عليا، و لا تكونن لهم ظهيرا و لا وليا ".

قلت: يا رسول الله، فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته؟ قال: فبكى (صلى الله عليه و آله) حتى أغمي عليه، ثم قال:

" يا بن عباس [قد] سبق فيهم علم ربي. و الذي بعثني بالحق نبيا، لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا، و أنكر حقه، حتى يغير الله تعالى ما به من نعمة. يا بن عباس، إذا أردت أن تلقى الله و هو عنك راض، فاسئلك طريقة علي بن أبي طالب، و مل معه حيث مال، و أرض به إماما، و عاد من عاداه، و وال من والاه. يا بن عباس، احذر أن يدخلك شك فيه، فإن الشك في علي كفر بالله عز و جل ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6